ملخص الجهاز:
"و ما یعنینا هنا من کل تلک العناصر و الملامح،هو عنصر المقاومة الذییمکن الجازفة بالإقرار بأنه کان عنصرا ملازما للثقافة العربیة علی امتداد أزمنةطویلة،و أنه شکل تعیینا هاما من تعییناتها الکثیرة لیتحول مع الزمن إلیواحد من ثوابت هذه الثقافة.
*** تشکلت الثقافة العربیة فی أتون المواجهة التاریخیة مع عواصم النهبالعالمی فی الغرب الصاعد،و علی امتداد هذا القرن الذی شهد تصعیدا هائلافی مسلسل المواجهة التاریخیة بین نظامین و نسقین متضادین بالکامل،حیثترجم هذا التصعید من قبل الغرب بطشا و دمارا و سحقا لکل محاولةنهضویة عربیة(منذ محاولة محمد علی فی القرن الماضی و حتی اللحظةالراهنة)و لکل مشروع عربی للخلاص،و لکل نبضة یلحظ فیها ذاک الغربالمتربص محاولة تحمل احتمالا ما!(مهما کان هذا الإحتمال ضعیفا)للخروج من شرنقة التخلف و الإنحطاط و الهزیمة التاریخیة!عندها لم یکنهذا الغرب یتسامح أبدا،بل یسارع لبطش تلک المحاولة و وأدها فی المهد قبلأن تبرعم!و بالمقابل،فإن ذلک التصعید ترجم من قبل العربی علی شکلحلقات عدیدة و متواصلة من المواجهة و التحدی،استنزفت فیها أجیال کاملةحیاتها و مصائرها فی تلک المواجهة.
و بدون شک فإن الحلقة الأهم فی تلک المعمة الصاخبة التی غطتسحابتها القرن العشرین برمته،هو قیام الغرب بتفقیس«إسرائیل»فی القلبمن القارة العربیة،لیعمل هذا الکیان الفظ،و علی امتداد ما یقرب من نصفقرن،و بفعالیة عالیة،علی شل الجسد العربی و شل الفعالیة العربیة بکاملها،و علی زرع البطش و الدمار فی قلب مراکز النهضة و التنویر العربی(بلادالشام و مصر و العراق)،و خلق حالة من التشنج عصفت بالمنطقة کوباءحقیقی،و إعادة هذه المنطقة إلی القرون الوسطی الظلامیة بحیث ینهشالجسد العربی بعضه البعض،و الإنزلاق بالعربی إلی وضعیة الضحیة،تمهیدا لإنزاله إلی وضعیة الجثة الهامدة بلا حراک!لقد عمل هذا الکیان الفظ (و من خلفه الغرب الأوربی و الأمریکی)علی تذکیرنا فی کل لحظة و کلموقف،بأنه لا مکان فی هذه المنطقة أبدا،لمشروعین متضادین إلی هذهالدرجة الهائلة:المشروع الصهیونی و المشروع العربی."