ملخص الجهاز:
"جـ-نسب و شیج و نستطیع بعد هذا أن نفهم العلاقة بین التصوف و الموسیقی و الغناء،و اقرا قول الغزالی«ان من أحب الله و عشقه و أشتاق الی لقائه فلا ینظر الی شیء الا رآه فیه- سبحانه-و لا یقرع سمعه قارع الا سمعه منه أو فیه،فالسماع فی حقه مهیج لشوقه و مؤکد لعشقه و حبه و مور زناد قلبه و مستخرج منه احوالا من الکاشفات و الملاطفات لا یحیط الوصف بها،یعرفها من ذاقها،و ینکرها من کل حسه عن ذوقها»و تسمی تلک الأحوال بلسان الصوفیة«وجدا»مأخوذ من الوجد و المصادفة،أی صادف من نفسه احوالا لم تکن یصادفها قبل السماع،ثم تکون تلک الأحوال اسباب لروادف و توابع لها،تحرق القلب بنیرانها،و تنقیه من الکدرات کما تنقی النار الجواهر المعروضة علیها من الخبث،ثم یتبع الصفاء الحاصل به مشاهدات و مکاشفات هی غایة مطلب المحبین لله تعالی و نهایة ثمرة القربات کلها،فالمفضی الیها من چملة القربات لامن جملة المعاصی و المباحات!!
و قال عنه ذو النون المصری:أن السماع لیس بجید و لا بردیء،و انما تتوقف قیمته علی نتائجه،و الموسیقی دافع سماوی یحدو بالمرء للسعی نحو الله،فمن أعارها سمعه و هو راغب فی الله کان له ما أراد،و من أعارها سمعه و هو راغب فی الشهوات وقع فی الخطیئة، و یذهب البعض الی تحریم ذلک اطلاقا،و یقولون اننا نسلم بأنه انتشرت قبل الاسلام و بعده الی الیوم طرائق التعبد بالموسیقی،فاختلطت الأحاسیس و المشاعر الفنیة الجمیلة و ما ینشأ عنها من نشوة و طرب و امتزجت بالعبادة و مناجاة الله بینما أن الأجاسیس الفنیة و العبادة هما أمر أن متباینان،فاذا أصبحت العبادة موسیقی و أنغاما،حق للفاسق أن یعد نفسه متعبدا بالنشوة و الاحساس الفنی من الموسیقی التی یسمعها فی الملهی کما یسمعها فی المعبد،و هکذا ربأ الاسلام بالعبادة عن مستوی المراسم العمیاء و الطقوس الشکلیة المحضة التی یقصد بها السیطرة علی أوهام الناس دون معنی عقلی،کما ربا بالعبادة عن النشوة و الطرب الناشئین عن المعنی الغنی کالموسیقی."