Abstract:
يقوم هذا البحث على إظهار المكانة المرموقة ، التي يحتلّهاالأدب الفارسي في الوجدان العالمي ... و ذلك من خلال ما يختزنه هذا الأدب ، من سُمُو الفكرة و عظيم العبرة و بعد الرؤية و عمق المشاعر ورهافة الأحاسيس.و لعل أفضل ما يمثّل هذا الأمر ، هو كتاب "كليلة و دمنة " ، إذ بعد أن ترجمه ابن المقفع الى العربية ، أحدث دويّاً كبيراً في الساحة الأدبية ، فقام عددٌ من الشعراء العرب بنظمه شعراً ليسهل حفظه وقام عددٌ من الأدباء العرب بمحاكاته من خلال عدد من المؤلفات.ثم عرضنا في هذا البحث إلى التطرق إلى الترجمات الكثيرة التي ظهرت لهذا الكتاب على مَرِّ العصور ... سواء الترجمة السريانية الأولى ، ثم الترجمةالعربية التي لم يبق غيرها و من خلالها تُرجم الكتاب إلى:- اللغة الفارسية و ما تفَّرع عن تلك الترجمةمن الترجمات إلى التركية ، ثم الاسبانية ،ثم الفرنسية ...- اللغة العبرية و ماتفرع عنها إلى الفرنسية ، و اللاتينيه و الألمانية و الإسبانية و الإيطالية و الإنكليزية و الدنمركية و الهولندية- الإسبانية و ما تفرّع عنها ... و اليونانية و ما تفرّع عنها ، و الانكليزية و ما تفرّع عنها ... ثم من العربية إلى الروسية و الهندية الملقية و الحبشية و الارمنية و غيرهاثم أظهرنا أثر هذه الترجمات في خلق محاكاة أخرى ، في معظم اللغات التي ظهرت فيها ... و بالأخص عند الشاعر الفرنسي "لافونتين" في "الخرافات" ... و ختمنا البحث بعرض سريع لنماذج أخرى من الأدب الفارسي و أثرها في آداب الشعوب ، مثل رباعيات الخيام ... و ديوان حافظ لنثبت أن الأدب الفارسي هو أدب عالمي ... بل ملهم للآداب العالمية بامتياز.
Machine summary:
" «کلیلة ودمنة» فی آداب الشعوب الأخری: ما عن وضع الفیلسوف «برزویه» ترجمته لهذا الکتاب باللغة الفهلویة سنة 560م، حتی بدأ «کلیلة ودمنة» یفیء بظلاله الوارفة علی آداب الشعوب، ویؤتی أکله فی کل حین: فقام بعد عشر سنوات فقط من وضع تلک الترجمة «الفهلویة» - أی سنة 570م – رجل اسمه «بود»، بترجمته إلی السریانیة، فسماه: «قلیلج ودمنج» 2 .
أشهر ترجمات «کلیلة ودمنة» من اللغة العربیة: 1 – إلی الفارسیة، وما تفرع منها: بعد أن فقد الأصل الفارسی لهذا الکتاب، عمد بعض علیة القوم من الفرس، إلی «رد بضاعتهم إلیهم»، بأن عمدوا إلی إعادة ترجمة «کلیلة ودمنة» إلی الفارسیة: ولعل أقدم من عزم علی ذلک، أبو الحسن، نصر بن أحمد السامانی (أواسط القرن الثالث الهجری): إذ أمر أحد علمائه بنقل الکتاب من العربیة إلی الفارسیة؛ ثم نظمه شاعره بالفارسیة أیضا.
غیر أن الترجمة الأهم لـ «أنوار سهیلی»، هی تلک التی قام بها سنة 1644م «داود شهید الأصفهانی» 3 ، مباشرة، من الفارسیة، تحت عنوان: «کتاب الأنوار، أو أخلاق الملوک» (le livre des lumières, ou la conduite des Rois)؛ إذ أنها تنطوی علی أهمیة خاصة، کونها أشارة إلی أول تفاعل مباشر، للأدب الفارسی، مع آداب أوروبا الغربیة...
ثم جاء بعده إبراهیم العرب، لیضمن کتابه «آداب العرب» «خرافاتـه» الشعریـة، علی طریقة «لافونتین» الفنیة، والتی یعتبر أمیر الشعراء أحمد شوقی (ت1932م) أشهر من سلکها فی الأدب العربی، فی القرن العشرین 2 نماذج أخری: وإذا کان کتاب «کلیلة ودمنة» هو من أقدم الآثار الأدبیة الفارسیة، التی شقت طریقها إلی آداب الشعوب، وأحدثت فیها ما أحدثته من تأثیر عمیق..."