چکیده:
تلعب الحواس الخمس دوراً مميزاً في تشكيل الصّور البلاغية في الشّعر وتضفي عليها أبعاداً فنية تساهم في تعميق الرؤية التي يسعى الشاعر لنقلها. من هذا المنطلق، إنَّ انهيار الحواجز النفسية والمعنوية بين الحواس، يتيح للشاعر مجالاً في استثمار إيحائي في حاستين أو أكثر، ويسمح له أن ينقل مشاعره من مستواها المألوف إلى المستوى الانزياحي الغريب؛ أي أنَّ الحواس الخمس في النصّ الشعري تغادر أحياناً وظائفها المعهودة إلى الأخری ليحقّق الشاعر ما يريده و هو الذي تعجز عن توصيلها التراكيب العادية في اللغة. فيحاول هذا المقال دراسة ظاهرة «تراسل الحواس» أو «التوظيف المجازي للحواس» عند الشاعر الإيراني «مهدي أخوان ثالث» والشاعر العراقي «سعدي يوسف» كأداة بنائية في عالمهما الشعري، والأسئلة التي تطرح هنا هي:1- كيف وظف الشاعران آلية تراسل الحواس في شعرهما؟ 2- ما مدى تطوّر الحواس الخمس في توجيه المعنى المجازي ضمن تجربة الشاعرين؟نتيجة هذه الدراسة تدلّ على أنَّ العدول عن المعيار والنزوع إلى الانزياح الدّلالي لدى مهدي أخوان ثالث وسعدي يوسف يبرز مقدرتهما الخيالية في توظيف الطاقة التعبيرية الكامنة في اللغات العادية التي تحيد عندهما عن منطقيتها في كثير من الأحيان، وتدخل في اختراق السّياق المألوف.
خلاصه ماشینی:
"فیحاول هذا المقال دراسة ظاهرة «تراسل الحواس» أو «التوظیف المجازی للحواس» عند الشاعر الإیرانی «مهدی أخوان ثالث» والشاعر العراقی «سعدی یوسف» کأداة بنائیة فی عالمهما الشعری، والأسئلة التی تطرح هنا هی:1- کیف وظف الشاعران آلیة تراسل الحواس فی شعرهما؟ 2- ما مدی تطور الحواس الخمس فی توجیه المعنی المجازی ضمن تجربة الشاعرین؟نتیجة هذه الدراسة تدل علی أن العدول عن المعیار والنزوع إلی الانزیاح الدلالی لدی مهدی أخوان ثالث وسعدی یوسف یبرز مقدرتهما الخیالیة فی توظیف الطاقة التعبیریة الکامنة فی اللغات العادیة التی تحید عندهما عن منطقیتها فی کثیر من الأحیان، وتدخل فی اختراق السیاق المألوف.
فی سبیل هذه الإشارة، تتصل الصور البصریة بالصور الذوقیة من غیر تمییز بینهما فی تجربة الشاعرین مهدی أخوان ثالث وسعدی یوسف، فقد یجعل الشاعران من البصریات طعاما تأکله الجیاع أو ماء تشربه العطاش، وهذا الأمر لیس مسألة اعتباطیة، بل هو کسر للغة المألوفة، والعدول بها عن مسارها المعهود والاتساع فی توظیفها، وبالطبع قد اختبأت وراء هذا الانزیاح الدلالی غایات أو مقاصد ترقی بکلامهما إلی المستوی الخیالی.
ربما أراد أخوان ثالث ضمن هذا الأسلوب الفنی إدهاش القارئ ولفت انتباهه إلی ضرورة تأمل مثل هذه الأسالیب غیر العادیة من خلال التزامن بین حاستی السمع والشم، فیبدو أن المدرک السمعی الذی یستوعب المدرک الشمی، یتسع کثیرا عند مهدی أخوان ثالث بالنسبة إلی سعدی یوسف، ففی قصیدة الورد، یمزج الشاعر بین هذین المدرکین لإبراز السخریة والدعابة، ولیجسد أحاسیسه تجاه العلاقات الکامنة التی قد اختبأ وراء الأشیاء: «هیچ مگویش مبویش که او بوی چنین قصه شنیدن نتواند» (أخوان ثالث،1373هـ."