چکیده:
الدکتور محمد مهدي البصير من أعلام الأدب العربي والعراقي الحديث ، صاحب مدرسة نقدية معاصرة تلاقحت فيها أفکار الشرق مع الغرب ، حيث امتاز فيها بحريته النقدية والأخلاقية والتربوية . وقف فيها علي ثغرات الموروث وعثراته ، حارب فيها الغلو والجمود والتعسف ، کان أسلوبه يمتاز بالإيجاز والوقوف علي آراء النقاد القدامي والمحدثين ، وانه من رجال العلمية والموضوعية . کان يهتم دائما بالشکل إلي جانب المضمون يتابع بدقة النقد اللغوي ، والنحوي ، والبلاغي ، والأخلاقي ، للمنظوم والمنثور، أيا کان مصدره ، قائله ، کما انه لا يبتعد عن الموازنات بکل أطيافها وشتي أشکالها.
خلاصه ماشینی:
"فإنه کان من شدة الغلو فی اللهو والاستهتار بالـدین والأدب بحیـث یعتـرف فـی صـدر قصیدة یمدح بها الرشید أنه باع ریطته وحذاءه واشتری بثمنهما خمرا: فما رمته حتی أتــی دون مــا حــوت یمینـــی حتــی ریطتـــی وحذائـــی » (البصیر، ١٩٧٠م : ص١٦٠) ولکن عندما یجره حدیث الشعر إلی حدیث عن خلیفة غیر مرضی السیرة فانه یعدل عن أسـلوب المهاجمة ویکتفی بالتعریض ، ولا یکتم رغبته فی تعمد العدول عن خوض هذا الأمر، کمـا فـی کلامـه عن قصور ابن المعتز التی یصفها البحتری فی قصائده یقول : «فانظر کیف یتذوق هـؤلاء النـاس لـذات العیش وکیف العیش وکیف یقرنون أعیادهم بأعیاد الطبیعـة لینـالوا أعظـم حـظ ممکـن مـن السـرور والانشراح علی اننا لا نحمد لهم ذلک کثیرا فقد کان لهم من فساد ملکهم وانحلال أمرهم مـا یحملهـم علی التفکیر فی تشیید قصور الإصـلاح ویـدفعهم إلـی إقامـة مواسـم الإنشـاء والتعمیـر لمملکـتهم المتضعضعة البنیان المتداعیة الأرکان ...
یری الدکتور البصیر أن قصیدة بشار بن برد المیمیة التی هجا فیها المنصور تنطوی علی معان کثیرة ینبغی أن یبرأ منها شعر شاعر فصیح مطبوع علی الکـلام ، منهـا مـا ورد فـی هـذا البیـت (البصیر، ١٩٧٠م : ص١٤٦): فأصبحت تجری سادرا فـی طـریقهم ولا تتقــی أشــباه تلــک النقــائم فالشاعر قد وقع فی خطأ صرفی حیث جمع کلمة (نقمة ) علی (نقائم ) فی هذا البیت ، وهو خطـأ لأن حکم نقمة تجمع علی نقم ."