چکیده:
جمال الدين الأسدآبادي (١٨٣٨-١٨٩٧ م) هـو أحـد أکبـر المصـلحين فـي التـاريخ الإسلامي المعاصر. له آراء و اقتراحات قيمة في مجـال النهـوض بالعـالم الإسـلامي و توحيد صفوف المسلمين . و هو من رواد مکافحي الاسـتبداد و الاسـتعمار. بـذل هـذا المفکر المصلح جهودا حثيثة لتجديد الفهم الديني فهما يلائم مقتضيات العصر الراهن . کما أنه دعا إلي نبذ بعض التفسيرات الخاطئة لبعض المفاهيم الدينية مثل القضاء و القـدر، و حاول تعريفها تعريفا يتلاءم و العقل و العلوم الحديثة لبث النشاط و الأمل و الحرکة في قلوب المؤمنين . و قد تأثر کثير من الکتاب و الشعراء بآرائه هذه ، و منهم الشاعر العراقي الکبير محمد مهدي الجواهري (١٨٩٩-١٩٩٧ م). إذا تأملنا في دواوينه و تقصيناها رأينـا أن رؤاه و طموحاته تشبه آراء الأسدآبادي في المجالات المذکورة . الأمر الـذي نحـاول تسـليط الضوء عليه في هذا المقال .
خلاصه ماشینی:
"و لعله حینما یتکلم عن وحدة الشرقیین من المسیحیین و المسلمین و العرب و الهنود و غیرهم ضد الاستعمار فی قصیدة «الثورة العراقیة » ١٩٢١ م، یکون قـد اقتـبس من آراء الأسدآبادی : و قد خبرونی أن فی الشـرق وحـدة کنائســه تــدعو فتبکــی الجوامــع و قــد خبرونــی أن للعــرب نهضــة بشــائر قــد لاحــت لهــا و طلائــع و قــد خبرونــی أن مصــر بعزمهــا تناضــل عــن حــق لهــا و تــدافع و قد خبرونـی أن فـی الهنـد جـذوة تهــاب إذا لــم یمنــع الشــر مــانع هبــوا أن هــذا الشــرق کــان ودیعــة «فلابــد یومــا أن تــرد الودائــع » (الجواهری ، ١٩٧٢- ١٩٨٠: ١/ ١٠٢) کما یعتقد الجواهری أن الأمة الإسلامیة بمختلف لغاتها و نجاراتها و شعوبها أمة واحدة و لها قضیة واحدة و اللغات التی یتکلم بها المسلمون و اللهجات العربیة المختلفة التی یستخدمها العرب لا بأس بها إذا ما ازدهرت و تکلمت بها الشعوب المسلمة شریطة أن تبقی اللغة العربیة الفصـحی هی اللغة الأولی و الأهم : آفاق الحضارة الاسلامیة ، السنة الرابعة عشرة ، العدد الثانی ، الخریف و الشتاء ١٤٣٣ هـ.
فلنستمع إلیه حین یقول : قری شعوب المشرقین علـی الأسـی میعـــاد فـــک أســـارک المیعـــاد إیــه زعــیم الشــرق نجــوی وامــق لهـــج بـــذکرک هـــزه الإنشـــاد أنــا شــاعر یبغــی الوفــاق موحــد بــین الشــعوب ســبیله الإرشــاد مــا الفــرس والأعــراب إلــا کفتــا عـــدل ، ولا الأتـــراک و الأکـــراد لــم تکفنــا هــذی المطــامع فرقــة حتـــی تفـــرق بیننـــا الأحقـــاد (الجواهری ، ١٩٧٢- ١٩٨٠: ١/ ١٦٦) یخاطب فی قصیدة «الخطوب الخلاقة » جمال عبد الناصر الذی دعا إلـی توحیـد الصـفوف العربیة و جمعها تحت رایة حکومة وطنیة موحدة للعرب بناصر الأمة الکبری و بحاضنها و فتاها و حامی الفتوة العربیة و یناشده إنقاذ فلسطین التی سیؤدی اغتصابها إلـی غصـب بقیـة البلـدان العربیة ، و یشید بما بذله من جهود لکی تتوحد الأمة العربیة : جمعت تسـعین ملیونـا کمـا جمعـت لبــد اللیــوث علــی أشــبالها أجــم و صغت مـن أنهـر شـتی وأخلجـة بحــرا بمصــطخب الأمــواج یلــتطم آفاق الحضارة الاسلامیة ، السنة الرابعة عشرة ، العدد الثانی ، الخریف و الشتاء ١٤٣٣ هـ."