چکیده:
لقد تباري العلماء و المفکرون في الکشف عن أوجه الإعجاز القرآني ، فمنهم مـن توجـه إلي لغته و أسلوبه و طريقة صياغته ، و منهم من توجه إلي مـا تـلألأ فيـه مـن لمحـات المعارف و إشارات العلوم المختلفة التي تم التوصل إليها ألخ . يلتفت هذا البحث إلي وجه من وجوه الإعجاز القرآني و هو الإعجاز الصوتي ، فلقد نزل القرآن الکريم نزولا صوتيا، و لم ينزل مدونا في سطور أو مکتوبا في کتاب ، کما تم تبليغه أيضا تبليغا صوتيا مـن لـدن جبريل . يعتبر الإعجاز اللغوي أو الصوتي من أجمل مظاهر الإعجاز في القـرآن الکـريم . تشتمل الأجزاء الأخيرة من القرآن علي أصول العقيدة الإسـلامية مثـل الإيمـان بـدعوة الرسول (ص ) و اليوم الآخر. تمثل الأصوات اللغوية في الأبنية القرآنية معادلا موضـوعيا للمعاني المطروحة فيها، يراعي تفاوت الحالات الإنسانية ، و يناسب مسـتويات المتلقـين . هناک اهمية بالغة للخصائص الصوتية و اللفظية لسور تلک الأجزاء لتأدية المعـاني التـي تکمن في تناسب الأصوات و دلالاتها. فقد ترعرع هذا البحـث المسـتفيض مـن خـلال المنهج الوصفي ـ التحليلي في خصائص الصوت القرآني في سورتي النجم و القمر و يبين خصائص الأصوات القرآنية و دلالاتها في هاتين السورتين . و النتائج تدل علـي تناسـب تام بين عدد تواتر الأصوات في هاتين السورتين مع دلالاتها، و إيصال المعني علي نحـو بديع و عجيب . و هذا هو ما يسمي بالإعجاز الصوتي في القرآن الکريم .
خلاصه ماشینی:
"إن الصوت المفرد هو الوحدة الأولیة التی تتشکل منها الألفاظ القرآنیة ، و لما کـان کـذلک ، کان له الدور الأکبر فی بلورة دلالتها، الأمر الذی دعا بعض الباحثین إلی القول بالقیمة التعبیریـة للحرف الواحد أو الصوت الواحد، و البحث عن العلاقة بین اللفظ و المعنی أو الصوت و الدلالة ، فی الواقع یأخذ القرآن الکریم من الأصوات ما کان مناسبا للمقام ، دالا علی المعنـی .
کما نری هذا التناسب بین الأصوات اللین و دلالاتها فی نهایة الفواصل الآیات فی سورة النجم حیث یقول الله تعالی : «والنجم إذا هوی [١]، ما ضل صاحبکم وما غوی [٢]، وما ینطق عن الهوی [٣]، إن هـو إلا وحی یوحی [٤]، علمه شدید القوی [٥]، ذو مرة فاستوی [٦]، وهو بالأفق الأعلی [٧]» «فهذه فواصل متساویة فی الوزن تقریبا، و لکنها علی نظام غیر نظام الشـعر العربـی ، کمـا نجـدها ذات إیقاع موسیقی متحد، ینبعث من تآلف الحروف فـی کلماتهـا و تناسـق الکلمـات فـی جملهـا» (عبدالتواب ، ١٩٩٥: ٨٢).
من خلال هذه الجداول الإحصائیة نلاحـظ بـأن الأصـوات المجهـورة و الأصـوات اللینـة تناسب أکثر التناسب مع الدلالات التی توجد فی السـورتین ، فهنـاک تناسـب بـین الأصـوات المجهورة و دلالاتها حینما یتحدث الله تعالی عن التذکیر و الإنذار للکفرة الفجار، کما أن هناک تناسب تام بین الأصوات اللینة و دلالاتها عندما انتقل الکلام إلی بیان الغایة من خلق الإنسـان و التوجه لوجه الکریم بأنواع القربات و العبادات ."