چکیده:
<p><font face="times new roman,times,serif" size="4"> ترصد هذه الورقة ظاهرة بلاغیة تجذرت فی صفحات الدراسات العربیة الأصیلة وهی تقنیة "<strong>العدول</strong>" التی ما لبثت أن اکتست حلة حداثیة فی الأبحاث الغربیة مست الشکل دون المضمون فصارت تدعی " écart <strong>" </strong>، لیعود هذا المصطلح من جدید إلی عالمنا العربی بعد ترجمته ترجمات عدة أشهرها "<strong>الانزیاح</strong>"، إلا أن لب هذه التقنیة ی تمخض فی الخروج عن المألوف إلی اللامألوف، أی من "<strong>الثابت</strong>" إلی "<strong>المتغیر</strong>" وفق قصد ضمنی باطنی معین یتجاوز القصد الظاهری، وفی سیاق ذلک راح الشاعر الأندلسی "<strong>ابن خفاجة الأندلسی</strong>" (533هـ) یرسم لوحات ممزوجة بألوان الطبیعة ومصقولة بأسالیب عدولیة ترکیبیة لتصهر لنا مقاصد معینة متجسدة وفق مفاصل محددة تکمن فی: <strong>أولا</strong>: العدول الإطار المفاهیمی، <strong>وثانیا</strong>: العدول فی الدراسات العربیة والغربیة، ثم <strong>ثالثا</strong>: العدول الترکیبی الاسمی فی قصائد "ابن خفاجة الأندلسی" الذی یتم فیه استجلاء جوانبه النحویة مکملة بمتعته وفائدته البلاغیة المقصدیة. </font></p><p><font face="times new roman,times,serif" size="4"> وقد توصلت الدراسة إلی أن قصائد الشاعر تعکس مقدرة شعریة فائقة فی رصف المبانی، والمعانی، واقتناص الألفاظ المعبرة فی تراکیب عدولیة اسمیة تتجسد وفق مظاهر متنوعة نحو: کسر رتابة أسلوب الاستثناء من خلال تقدیم المستثنی وأداته، وتقدیم الخبر والحال، إضافة لحذف أداة النداء، والخبر، والمبتدأ لینتج عن ذلک مقاصد بلاغیة ضمنیة متلونة حسب السیاق. ولقد نتجت أغلب مظاهر العدول الترکیبی الاسمی-علی تنوع صوره - وتولدت أکثر أغراض الشاعر من حدیثه عن مرحلته الحیاتیة المشربة بالأحزان لفقد صدیق أو بالمعاناة لترک حبیب أو بتصویره لشجاعة فارس أو نبل حاکم، کونـها تخبر عن حالة نفسیة ذاتیة انعکست علی شعره. </font></p>ترصد هذه الورقة ظاهرة بلاغیة تجذرت فی صفحات الدراسات العربیة الأصیلة وهی تقنیة "العدول " التی ما لبثت أن اکتست حلة حداثیة فی الأبحاث الغربیة مست الشکل دون المضمون فصارت تدعی "carte"، لیعود هذا المصطلح من جدید إلی عالمنا العربی بعد ترمجته ترمجات عدة أشهرها "الانزیاح "، إلا أن لب هذه التقنیة یتمخض فی الخروج عن المألوف إلی اللامألوف ، أی من "الثابت " إلی "المتغیر" وفق قصد ضمنی باطنی معین یتجاوز القصد الظاهری ، وفی سیاق ذلک راح الشاعر الأندلسی "ابن خفاجة الأندلسی " (٥٣٣هـ) یرسم لوحات ممزوجة بألوان الطبیعة ومصقولة بأسالیب عدولیة ترکیبیة لتصهر لنا مقاصد معینة متجسدة وفق مفاصل حمددة تکمن فی : أولا: العدول الإطار المفاهیمی ، وثانیا: العدول فی الدراسات العربیة والغربیة ، ثم ثالثا: العدول الترکیبی الاسمی فی قصائد "ابن خفاجة الأندلسی " الذی یتم فیه استجلاء جوانبه النحویة مکملة بمتعته وفائدته البلاغیة المقصدیة . وقد توصلت الدراسة إلی أن قصائد الشاعر تعکس مقدرة شعریة فائقة فی رصف المبانی، والمعانی، واقتناص الألفاظ المعبرة فی تراکیب عدولیة اسمیة تتجسد وفق مظاهر متنوعة نحو: کسر رتابة أسلوب الاستثناء من خلال تقدیم المستثنی وأداته ، وتقدیم الخبر والحال ، إضافة لحذف أداة النداء، والخبر، والمبتدأ لینتج عن ذلک مقاصد بلاغیة ضمنیة متلونة حسب السیاق . ولقد نتجت أغلب مظاهر العدول الترکیبی الاسمی -علی تنوع صوره - وتولدت أکثر أغراض الشاعر من حدیثه عن مرحلته الحیاتیة المشربة بالأحزان لفقد صدیق أو بالمعاناة لترک حبیب أو بتصویره لشجاعة فارس أو نبل حاکم ، کونـهاتخبر عن حالة نفسیة ذاتیة انعکست علی شعره .
خلاصه ماشینی:
"ویطالعنا البلاغی "عبد القاهر الجرجانی " (ت ٤٧١هـ) بمصنفیه المعروفین بـ"دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة " بجملة من المصطلحات الدالة والمعبرة عن "العدول "، حیث نجد ذلک فی سیاق ذکره لأقسام الکلام الحسن والفصیح ، فتارة یکون فی اللفظ (القسم الأول )، وتارة یکون فی النظم (القسم الثانی)، ولنأخذ القسم الأول (حسن اللفظ ) الذی یقول فیه : «فالقسم الأول الکنایة والاستعارة والتمثیل الکائن علی حد الاستعارة وکل ما کان فیه علی الجملة جماز واتساع وعدول باللفظ عن الظاهر» 4 ، وما کتاب "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" إلا من الکتب البلاغیة المشهورة الذی حاول فیه صاحبه "أبو حازم القرطاجنی" (ت ٦٨٤هـ) التکلم عن قضایا الشعر العربی ، ومن بین قضایا الشعر حدیثه عن "العدول " باعتباره میزة شعریة وقضیة من قضایاه ، فالاستراتیجیة الشعریة لها غایة وحیدة هی تغییـر المعنی...
فاللافت للانتباه هنا، مظهر ترتیبی مثیر یکثر فی صمیم المدونة ، بل یتحقق بقوة وهو تقدیم المستثنی وأداته ، وما الأصل إلا قوله : (ولا ذخیرة مثل الجواد، ولا عتاد مثل رقراق الحدید)، مبرزا الشاعر مقصده من خلال هذه العدولات والتجاوزات الشعریة عن الأصل التی تتماشی وسیاقه ، منها جذب القارئ إلی ظاهرة منتشرة فی أبیاته والتی أدخلها لاهتمامه بشی ء معین ، إضافة إلی مراعاة القافیة فی نهایة الأبیات ، والأهم هو الإجلال ، والافتخار، والتباهی بصفات الفارس الأندلسی ، وهی : (الجواد، والسیف )، بل عدها عتاده وذخیرته ؛ حیث عکس الشاعر منذا العدول صورة الفارس السائر تحت سـماء مغیمة تحتضن المطر وهو یرکب حصانا سریعا یواکب الریاح ، وما هذا إلا دلیل علی شهامة فرسان الأندلس وقوتـهم ؛ فبعد حلوله فی القفار البعیدة و«خوض غمرات الوجود وقطع فیافـی الأرزاء ومواجهة المخاطر والردی مغامرا بنفسه » 1 ، وبعد حلول أول الظلام علیه (عشیة ) لا یجد إلا الجواد الأصیل الذی حفظه لوقت الحاجة ، ولا غیر السیف اللامع المتلألئ لیلا عدة له ."