خلاصه ماشینی:
"أنماط التنمیة الاقتصادیة: تتقاسم العالم بشکل رئیس مدرستان، هما: المدرسة الرأسمالیة التی تنطلق من قدسیة الحریة الفردیة الفکریة، ثم حریة الملکیة الخاصة والنشاط الاقتصادی.
وشرعت بتأمیم المرافق الاقتصادیة، وأقامت سیاستها الاقتصادیة علی مبدأ الملکیة العامة، والتخطیط الشامل، واستطاعت تحقیق أشواط کبیرة فی توفیر العمل وعدالة توزیع الناتج القومی، وعالجت التأثیرات الخارجیة ـ التی تحدثنا عنها سابقا ـ من خلال إدخال التکالیف والعوائد الخاصة والاجتماعیة فی الحسابات الاقتصادیة.
ومن وجهة نظر إسلامیة فإن المشکلة الاقتصادیة التی تواجه العالم لا تعتمد بشکل رئیس علی طبیعة الملکیة.
صحیح أن الدول الرأسمالیة الرئیسة هی الدول المتقدمة اقتصادیا، إلا أن الشواهد التأریخیة تؤکد بأن هذا التطور حصل کنتیجة للتراکم البدائی الرأسمالی، الذی تحقق فی القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، عندما کانت الدولة تلعب دورا رئیسا فی حمایة اقتصادها من المنافسة الخارجیة، وخلال ممارسة الاستعمار الخارجی توفیرا وتوسیعا للأسواق الضروریة لتسویق الإنتاج الفائض عن الحاجة الداخلیة، حیث سعت الدول آنذاک حمایة احتکار النشاط الاقتصادی لبعض المؤسسات من خلال فرض القیود علی الواردات (هذا الدور کان واضحا فی کل من انکلترا وأمریکا والیابان).
ولم تکن تلک مشاهد منفردة، ففی التأریخ المعاصر، نجد أن دولة مثل تایوان لم یکن لها أن تخرج من تخلفها الاقتصادی لولا دور الدولة الممیز (بالأخص فی الخمسینیات والستینیات) فی التخطیط وفی الإصلاح الزراعی، وتشیید الصناعات، وحمایة المنتجات الداخلیة من المنافسة الخارجیة، کما یمکن الاستدلال علی أهمیة دور الدولة فی التنمیة بالعدید من الأمثلة.
إن السیاسة الاقتصادیة تهدف بشکل عام إلی تحقیق الکفاءة (أعلی درجات العائد الاقتصادی)، وعدالة التوزیع (عدالة استهلاک الإنتاج)، إلا أن التجربة أثبتت بأنه من الصعب الجمع بین هذین الهدفین."