چکیده:
يتحدث هذا البحث عن «الموسيقي الداخلية في الصحيفة السجادية»، مفترضا أن الموسيقي لا تختص بالشعر، بل إنها توجد في أي عمل أدبي فني، شعرا كان أو نثرا، إلا أن الموسيقي المختصة بالشعر هي الموسيقي الخارجية التي تتمثل في الأوزان العروضية والقافية. أما ما يعرف بالموسيقي الداخلية، فهو الإيقاع الذي يلاحظ في بشرة النص الخارجية من خلال تكرار الحروف والمفردات والجناس وتوازن الجمل وتوازيها. والدارس لنصوص مولانا الإمام زين العابدين (ع) في صحيفته يجد عددا من الظواهر الموسيقية التي امتازت بها، ولعل أبرزها التكرار الحرفي والتكرار اللفظي وتكرار الجملة والجناس و رد العجز علي الصدر والسجع والترصيع. و هذه التقنيات أدت إلي خلق جو موسيقي لاتستقل عن المعني، بل تعد جزء منه. فقمنا في هذا البحث بدراسة أهم مصادر الموسيقي الداخلية في الصحيفة السجادية، واعتمدنا في خطة هذه الدراسة علي المنهج الوصفي - التحليلي.
يوصلنا البحث إلي نتائج أهمها: أن الموسيقي الناتجة من تكرار الحروف والعبارات والسجع و... ذات صلة وثيقة بدلالات كلام الإمام (ع) و أغراضه، وتوحي إلي القارئ حالاته (ع) النفسية عند مناجاته لله، و ثانيا أن استعمال هذه التقنيات التي أضفت علي نثر الصحيفة السجادية النغم الموسيقية يكون عفويا دون أي تكلف، و هذا سر جمال موسيقي نص الصحيفة و تأثيرها في القارئ.
خلاصه ماشینی:
یذهب النقاد فی الأدب العربی إلی أن الموسیقی إحدی الخصائص البنیویة الأساسیة للشعر و«هی عنصر یمیزه عن النثر» (مفتاح، 1992م، ص 130)، ونحن نری أن الموسیقی فی الشعر عنصر بالغ الأهمیة، بید أن القول بأنها عنصر یمیزه عن النثر قول مبالغ فیه، والأصح أن یقال إن الوزن العروضی یمیز الشعر عن النثر؛ کما قیل فی تعریفه: «إنه قول موزون مقفی یدل علی معنی» (قدامة بن جعفر، 1302هـ، ص 3)؛ لأن الموسیقی لا تختص بالشعر بل ــ کما نعلم ــ أن للنثر الفنی موسیقی تأتیه من توازن الجمل وسجعها، ذلک التوازن الذی أقرب إلی الوزن فی الشعر، وذلک السجع الذی هو أشبه بالقافیة فیه، مما یدلنا علی أنه الأصل الذی ارتقی منه الشعر، کما کان الرجز هوالحلقة الوسطی بین النثر المتوازن المسجوع وبحور الشعر الناضجة.
ومن خلال هذا التمهید الموجز یتبین لنا أن الموسیقی نوعان: نوع منها خاص بالشعر وهو «الموسیقی الخارجیة التی تتمثل فی الوزن والقافیة» (بکار، 1982م، ص 193)، والنوع الآخر لا یختص بالشعر، بل یهتم بها النثر کاهتمام الشعر بها وهو «الموسیقی الداخلیة التی تتمثل فی أصوات الحروف وجرس الکلمات المتساویة الطول والمتناغمة المقاطع والمنسجمة فی الحروف» (الهاشمی، 2006م،ص 37)، فهی تنشأ من التجانس بین الکلمات والتلاؤم بین حروفها وأصواتها وهی «النغم الذی یجمع بین اللفظ والصورة وبین وقع الکلام والحالة النفسیة للشاعر؛ أی إنها مزاوجة تامة بین الشکل والمعنی وبین الشاعر والمتلقی» (جیدة، 1986م، ص 352).
فمن هذا المنطلق، درسنا فی هذه الخطة أولا أدب الدعاء، ثم تتبعنا مصادر الإیقاع الداخلی فی الصحیفة السجادیة التی جمعت فیها نصوص الدعاء لمولانا الإمام سجاد A، وفی نهایة المطاف نذکر أهم ما توصل إلیه البحث من النتائج.