چکیده:
تحتلّ القصة حیّزاً واسعاً من مساحة الفضاء النّصیّ للقرآن الکریم، و یشکّ البطل العصب الرئیس فیها، حیث یساهم و بزَخم عال فی تحریک أحداثها وفی إضفاء الحیویة والنشاط علیها و کذلک فی الکشف عن أفکارها؛ و بینما أنّ الأنبیاء والرسل هم من أبرز الأبطال فی القصص القرآنی، على أنّ النبیّ موسى (ع) من أکثرهم حضوراً فی مشاهده، لکن یتمیّز هذا الحضور بأدوار دراماتیکیة یقوم بها فی مواقف عدیدة وهذا ما نتناوله فی هذه الورقة البحثیة.أما المنهج الذی وظفناه لإخراج هذا البحث فهو تحلیلی – توصیفی نشفعه إذا لزم السیاق ببعض المقارنات فی مسعى متواضع للتوصل إلى نتیجة مفادها أن النبیّ موسى (ع) مع کلّ ما عاناه من أحداث جسام وما قاساه من مهمّات عصیبة لم یتوان لحظة عن السعی لإنقاذ عباد الله المستضعفین فی الأرض وانتشالهم من براثن الجهل والتخلّف. وقد تمیّز بذلک عن البطل فی قصص الأمم الأخرى وأساطیرهم التی تمخض فی معظمها عمّا تصطنعه أخیلة البشر. وعلى العموم فإنّ موسى (ع) یعدّ من أبرز الشخصیات القصصیة فی التاریخ الإنسانی.إنّ الغرض الأساس من هذه الدراسة هو التعریف بشخصیة النبی موسى علیه السلام باعتباره بطلا من نوع متمیز، إذ خاض صراعاً مریراً مع أکثر من جهة وفی ظروف ملئتها المفارقات. والنتیجة هی أنه وکلّ ما عاناه من صعوبات خرج شخصیة رسالیة خالدة عزیزة عند ربّه.
خلاصه ماشینی:
"مـــا الـــذی حصـــل لموســـی (ع ) مـــن المعانـــاة مـــا میـــزه عـــن غـــیره مـــن الأنبیـــاء، وکیـــف صـدمته مواقـف خصـوم نصـبوا لـه العـداء (فرعـون أتباعـه ) أو أبنـاء قومـه ممـن لم یطیعـوه (بـنی إســرائیل ) حــتی اضــطر إلی الــدخول معهــم فی المواجهــة الصــعبة أو تحمــل الأذی مــنهم ، ومــا الــذی جعلــه أن یکتســب فی غمــرة هــذه الظــروف المتضــاربة تجــارب إیمانیــة ثــرة ، خاصــة مــن خلال مرافقته الرجل الصالح؟ فأما فرضیة البحث فتبرز من خلال الترکیز علی شخصیة موسی (ع ) ودراسـة جوانـب مـن حیاته الـتی عـرض لهـا القـرآن الکـریم نطلـع علـی شخصـیة تبـدو عصـابیة متسـرعة فی اتخـاذ بعـض قراراتـه ومواجهاتـه مـع الصـالحین والطـالحین علـی حـد سـواء ولعـل هـذه الطبیعـة عائـد إلی ثقـل همومـه الرسـالیة فی أداء المهمـة الإلهیـة ، ویمکـن القـول أن هـذه الأوضـاع الروحیـة دفعتـه إلی اتخـاذ مواقـف یبـدو وکأنهـا غـیر منسـجمة مـع شخصـیة الرسـالة ، فضـلا عـن ذلـک فلعـل هنـاک شـکوک ساورته أنه لیس باستطاعة النهوض بالمسؤولیة الموکلة إلیه ، فأصابه نوع من الأحباط تمثـل فی مـا بدرت منه من سلوک لا ینسجم مع توجهه الإیمانی مع هذا کلـه فإنـه ظـل ثابتـا علـی عهـده مـع الله فی قهر الأعداء وإرشاد العباد."