خلاصه ماشینی:
"وکما أن السند قابل للتحقیق فالإفادة کذلک, هل تصلح من جهة وظیفیة لإنتاج هذا النمط من المعنی بوصفها رمزا دالا علی مدلول؟ وکمثال علی ذلک: فإن الشیخ البلاغی وهو فی صدد تفسیر قوله تعالی: }فمن اضطر غیر باغ{ قد توقف عند کلمة (بغی) ومشتقاتها, وأشار إلی ورودها فی القرآن أکثر من عشرین مرة علی معان کلها لا یتعدی اللفظ منها بنفسه, أی إنه فعل لازم یتعدی بـ(علی).
ونقل معنی الثبوت من هذه اللحاظ إلی لحاظ الثبوت بوصفه حقیقة من حقائق المطلق, بل أدمجت هذه الدلالة أنه سجل للحقائق المطلقة وإذا أطلق ـ کما تصوره البلاغی ـ وتصوره حق أنه کل شیء فی الوجود لا یأتیه الباطل (الحق المطلق) سواء أکان نصا (کالکتب السماویة ـ قبل تحریفها ـ أو قانونا طبیعیا کونیا أو أی مصداق یتصف بکونه حقا ثابتا)، فلا ینطبق حصرا علی القرآن الکریم فقط, لذلک قال البلاغی إن المراد منه فی هذه الآیة منحصر فی فرد من أفراده وهو مورد النزول.
وهکذا نلحظ الأمر فی اللفظ العام, الذی لا یقطع بدلالته قبل الفحص عن المخصص متصلا أو منفصلا, ومثله الترادف الذی متی دخل فی سیاق النص أزال السیاق سمة الترادف وأعطاه معنی مضافا, فتضافر المعنی الوضعی للفظ, مع الاستعمال ـ (لجهة بلاغیة أو سیاقیة) أول خطوات أو عوامل إنتاج المعنی وثانیهما: الوقوف علی الطبیعة الصرفیة للمفردة ودلالتها: ففی قوله تعالی: }حتی یطهرن{ قال بتخفیف الطاء: (أی حتی ینظفن من ذلک الأذی بانقطاع الحیض, وهو المناسب لتفریع الأمر بالاعتزال, أما یطهرن بالتشدید فهو تفریغ لأمر آخر والمتحصل: (أن الإباحة بالمعنی الأعم, المضاد للحرمة، تحصل عند غایة التحریم, ووجوب الاعتزال هو النقاء من الحیض)(٢٧), ومثل هذا کثیر نجده فی التفریق بین اسم الفاعل واسم المفعول والتناوب بینهما, واستخدام الفعل استخداما أصلیا أو مناوبا, وکذلک تضعـیف الفعل, بما یؤدی إلی زیادة المعنی تبعا لزیادة المبنی اللفظی."