چکیده:
تتناول هذه الدراسة بالبحث والتحلیل نظام البنیة القرآنیّة بلحاظ اشتماله على جملة من الآلیّات التعبیریّة التّی تُکوّن مجاله الدّلالیّ، وتصنع جهازاً للتّواصل بینه وبین مختلف المقامات الثقافیّة؛ ما یجعل من القرآن مُحَاوراً معرفیّاً للواقع بکلّ مستویاته الفکریّة والعقدیّة.
ویبرهن النصّ القرآنیّ، فی کنَف هذه الآلیّات البیانیّة، عن کینونته المیتافیزیقیّة (حقیقته الغیبیّة) وعن الاستراتیجیا الدّینیّة التّی یعرضها على جموع المتلقّین من أجل صیانة فکر کونیّ؛ إلهیّ المرجع.
ویؤلّف نظام التّفسیر والتّأویل -بوصفه ممارسة تعبیریّة- العناصر الجمالیّة والأسلوبیّة التّی یقوم علیها معمار الأداء، أو "البلاغ" الدّینی؛ بمعنى أنّه یؤسّس لتأویل التّنزیل فی ما وراء العبارة الظاهرة، وإنْ بدَت مغلقة لسانیّاً ونهائیّة المعنى.
ومن هنا؛ فإنّ العمل والتّحقیق وبذْل الجهد فی تأویل التّنزیل وفتح مغالق النّصّ من أجل الظفَر بالدّلالة القرآنیّة، لیس نهایةَ الممارسة العلمیّة، ولا خاتمةً لمنظومة المعارف الدّینیّة... إنْ هو إلاّ نقطةُ جوازٍ وعبورٍ إلى مشاریعَ دینیّة ذات أبعاد ثقافیّة وحضاریّة لا تتناهى ولا تنضَب؛ لأنّ القرآن، وإنْ تمایز بالذّاتیّة؛ أی بالاستقلالیّةَ عن شروط الإنتاج البشریّ، فإنّ نصّه اللّغوی لا یجد دلالته المشخّصة وقابلیّة الفهم البشریّ إلاّ فی إطار العالم الطّبیعی الّذی ینزل فیه ویُحیل إلیه (أی الکلمات والأشیاء والعلامات الکونیّة)؛ من أجل التمثّل المادّی المباشر للمعانی الغیبیّة.
وبما أنّ العالَم الفیزیائیَّ أو عالَم الطبیعة لا یتوقّف عن الحرکة وعن التجدّد والعطاء؛ فإنّ العبارة القرآنیّة کذلک لا تتوقّف عن التّعبیر؛ وهذا یعنی أنّ النّزول القرآنی جاء ببیّنة سیمیائیّة (الإعجاز القرآنیّ)، وببنیة لغویّة طافحة بإمکانات التّولید الدّلالیّ، والفهم، ومعاودة الفهم؛ طبقاً لتجدّد الآلیّات والمنهج لدى القرّاء.
وبناءً علیه، لا یمکن للکتاب الکریم أن یکون واحدیّ الدّلالة ونهائیّ المعنى أو محکماً ظاهراً بحسب التّصنیف التّقنیّ المتداول فی علوم القرآن؛ إذْ لو کان کذلک، ما کان لِیَفِیَ بمستلزمات التغیّر التّی تَـعْرِضُ لهویّة الإنسان ذی القیَم کثیرةِ التّـقلّب والانقلابِ؛ بسبب تغیّر الآفاق الثقافیّة والرُؤى الإنسانیّة الّتی تقتضی فی کلّ عصر تحْـیِـینَ الفهم، وتـتطلّب التّأویل والاجتهادَ، وتجدیدَ القراءة للعالم وللوجود الإنسانیّ عامّة. فلا إشکال فی أن یکون اللّسان هو صلةَ الرّبط بین عالم الطبیعة وعالم ما فوق الطّبیعة.
کلیدواژه ها:
الحداثة
،
التمرّد
،
التاویل
،
الهرمنیوطیقا
،
الآثار الواقعیّة
،
المیتافیزیقیا