خلاصه ماشینی:
"وقد عرفناکم بمنشأ هذه الأحوال ؛ لتعرفوا من هم السبب فی محاق البلادالإسلامیة والاضمحلال ، فهم الأحق بالملامة والتقریع والتوبیخ وسلب الکرامة ،ویا لیت شعری ما المراد منا فی الرابطة التی أشرتم إلیها ؟ فإن کان لقصد التسکینالمجرد إلی أن توافق معهم الأمور ثم یثبوا کأن لم یکن بیننا وبینهم صداقة کما کانبالعام الماضی ؛ إذ قدمنا لهم عشرة آلاف عود للسلک ، وأمنا لهم الطرق ، وتعهدنالهم بالإصلاح حتی صاروا دولة حقیقة یروحون ویغدون بکل شرف ، فما کان منهمإلا تدبیر الحیلة فی الهجوم للقبض علینا ؛ فنجانا الله وآل الأمر إلی ما هم فیه منالإهانة والحیرة ؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله .
(2) هو الشیخ محمد توفیق الأرنؤوطی الأصل ، المعدود من علماء الترک ، جاور فی الأزهر وعرف السید الإدریسی فیه وقد أرسله إلیه الاتحادیون بعد الدستور غیر مرة لیکشف لهم حقیقة أمره ، وقد کنت مرة فی نادیهم الشهیر (بنور عثمانیة فی الآستانة) حین جاءهم أول کتاب منه فأخبرونی أنه أثنی علیه فیما کتبه ووصفه بالإخلاص للدولة ولمقام الخلافة ، وأنه لا یرید إلا إرشاد الناس لما فیه صلاحهم فی دینهم وطاعتهم للدولة ، فذکرت هذا الکلام للصدر الأعظم حسین حلمی باشا ، فقال : الشیخ توفیق رجل بسیط ساذج إلخ ، ولم أسمع یومئذ من رجال الجمعیة مثلما سمعت من الصدر من الارتیاب وسوء الظن ، وقد اجتمعت بعد ذلک بالشیخ توفیق فی الآستانة ثم فی مصر بعد عودته المرة الثانیة من الیمن وکانت الحکومة قد أظهرت العداوة للإدریسی وآذنته بالحرب فسألته عنه فقال : إنه علی ما عهدت من قبل من الاستقامة والإخلاص ، ولکن الحکومة أعرف بسیاستها ، أو ما هذا معناه ، وقد رأیت بعض إخواننا العرب فی بمبی یطعنون فی الإدریسی فعارضتهم وذکرت لهم ما سمعته وما رأیته من بعض کتبه لأهله فی السودان الناطقة بإخلاصه للدولة حتی اضطره الاتحادیون بضغطهم إلی ما کان من المقاومة ، فاقتنعوا ."