خلاصه ماشینی:
"وإن قال قائل : کیف عرف هذا عن العرب وهم أهل بادیة متشتتون متفرقون ،متقاتلون متذابحون ، لا ملک لهم جامع ، ولا شرع فیهم وازع ، ولا ید لهم فیالأعمال الاجتماعیة ، ولا نصیب لهم فی الشئون السیاسیة ، ولیس لهم قبل الإسلامکتاب معروف تدون فیه أخبارهم ، وتذکر فیه مآثرهم وآثارهم ، فمن أجل ذلک لایجوز الثقة بما ینقل ویحکی عنهم ولسنا نعرفهم إلا بالإسلام ، فالإسلام قد جمعالأوزاع من أهل هذه اللغة الواحدة علی کلمة الغزو ، وهذا لا یثبت أن العرب کانوایعرفون لقبائلهم أصولا , وأنهم کانوا یتعارفون بأنسابهم ؟ ؟نقول لصاحب هذا القول : إن العرب لم یکونوا مجهولین ولا مجهولة أخبارهم .
ومن أولاد الحارث هذا حجر أبو امرئ القیسالشاعر , وکان حجر قد ملکه أبوه علی بنی أسد بن خزیمة فبقی أمره متماسکافیهم مدة بعد ذلک , ثم تنکروا علیه , فقاتلهم وقهرهم , ودخلوا فی طاعته , ثم جمواعلیه بغتة , وقتلوه غیلة , وفی ذلک یقول ابنه امرؤ القیس أبیاتا منها :بنو أسد قتلوا ربهم ...
ألا کل شیء سواه خللوطالب امرؤ القیس بهذا الملک بعد أبیه , فاستنجد ببکر وتغلب علی بنی أسد ,فأنجدوه , وهربت منهم بنو أسد , وتبعهم فلم یظفر بهم , ثم تخاذلت عنه بکر وتغلبوتطلبه المنذر بن السماء , فتفرقت جموع امرئ القیس خوفا من المنذر ، وخافامرؤ القیس منه أیضا , فصار یدخل علی قبائل العرب ، وینتقل من أناس إلی أناسحتی قصد السموأل بن عادیا الیهودی , فأکرمه ، وأنزله , وأقام عنده , ثم سار إلیملک الروم مستنجدا به , وأودع أدراعه عند السموأل , وکانت مائة وفی مسیره إلیملک الروم قال قصیدة تشعر بلسان حاله , ومنها قوله :تقطع أسباب اللبابة والهوی ..."