خلاصه ماشینی:
"وأما ما یثبته متأخرو القوم من هذا القسم الثالث ( وهو رؤیة الروح ، وسمعهاوإرادتها ، وأحکامها التی هی أخص من أحکام القلب ) فهؤلاء اعتقادهم أن الروحغیر النفس والقلب[14] ، ولا ریب أن ها هنا أمورا معلومة ، وهی البدن وروحهالقائم به ، والقلب المشاهد فیه وفی سائر الحیوان ، والغریزة وهی القوة العاقلة التیمحلها القلب , ونسبتها إلی القلب کنسبة القوة الباصرة إلی العین ، والقوة السامعةإلی الأذن ، ولهذا تسمی تلک القوة قلبا ، کما تسمی القوة الباصرة بصرا ، قال تعالی{ إن فی ذلک لذکری لمن کان له قلب } ( ق : 37 ) ولم یرد شکل القلب فإنه لکلأحد ، وإنما أرید القوة والغریزة المودعة فیه ، والروح هی الحاملة للبدن ، ولهذهالقوی کلها ، فلا قوام للبدن ، ولا لقواه إلا بها ، ولها باعتبار إضافتها إلی کل محلحکم ، واسم یخصها هناک ، وإذا أضیفت إلی محل البصر سمیت بصرا وکان لهاحکم یخصها هناک ، وإذا أضیفت إلی محل العقل - وهو القلب - سمیت قلبا ، ولهاحکم یخصها ، وهی فی ذلک کله روح ، فالقوة الباصرة والعاقلة ، والسامعة ،والناطقة روح باصرة ، وسامعة ، وعاقلة ، وناطقة ، فهی فی الحقیقة[15] هذا العاقلالفهم المدرک المحب العارف المحرک للبدن الذی هو محل الخطاب ، والأمر ،والنهی - هو شیء واحد له[16] صفات متعددة بحسب متعلقاته ، فإنه یسمی نفسامطمئنة ، ونفسا لوامة ، ونفسا أمارة ، ولیس هو ثلاثة أنفس بالذات والحقیقة ؛ولکن هی نفس واحدة لها صفات متعددة ، وهم یشیرون بالنفس إلی الأخلاقوالصفات المذمومة فیقولون : فلان له نفس ، وفلان لیس له نفس ، ومعلوم أنه لوفارق نفسه لمات ؛ ولکن یریدون تجرده عن صفات النفس المذمومة والمحققون منهمیقولون : إن النفس إذا تلطفت ، وفارقت الرذائل صارت روحا ."