خلاصه ماشینی:
"انتظرت الأمم العربیة برهة هذا الشعر النابغ , وخروج هذا الشاعر والأقوامکلهم أجمعون متطاولون , والأعناق مشرئبة , والوجوه الناضرة کما قال الله :{ وجوه یومئذ مسفرة * ضاحکة مستبشرة } (عبس : 38-39) , والعیون ناظرةشاخصة , والقلوب فی الصدر راقصة , والدهر الذی قد ضن أمس , وجاد الیومیبتسم ؛ فتبلج ( وقد تفتحت أبواب السماء بالدعاء ) نور***أحمدیملأ الدنیا وطلع علی أهلها ( شوقی ) :حتی طلعت بضوء وجهک فانجلت ...
وإنی أقسم بالقرآن وبلاغته وإعجازه وعبقریته وعجائبه التی لن تحصی أن لولم یکرم لفظ شوقی فی الشعر کما کرم معناه , ولو لم تشرق هذه الدیباجة الشوقیةالملیحة ذات الحفلة ذلک الإشراق ؛ ما کان أحمد شوقی شاعر العربیة الأکبر , وما کانملک الشعر , وما کنتم أظفرتموه بهذا الیوم , ولکنه عاقل حکیم عرف کیف یقول ,وکیف یبنی قصیده , ویشید أهرامه ؛ لیخلد فیها ، وقد قلت قدما : ( ما یقی المعانی منالدثور إلا متانة ألفاظها ، وما یخدمها الدهور إلا تحقیق کلامها ) , والدهر أثبت ماکنت قد قلته .
ومن التجدد أن تهیم بالفن , وهذا فن , ومن التجدد أن تقول القول الجیدالمضبوط ؛ لیفهم الناس ما تقول , ومن التجدد أن تختار خیر طریق فی الإنشاءوالقریض , فتسیر فیهما مستقلا ؛ لتبلغ , وتبلغ قومک من الارتقاء ما یجب بلوغه ,ومن التجدد أن تشید الأمة المتنبهة بنیانها علی الأساس القوی ؛ لئلا ینهار , ومنالتجدد أن تتقن یا هذا ما تعمل , وترصن ما تعلم , وأن تعد لکل أمر عدته ,وللکتابة والشعر عدد ، فقل لی : هل أعددتها ؟ ومن التجدد أن یعلم أنه لا یجیء منالضعف والانحطاط إلا الضعف والانحطاط , ولا یجیء من القوة والتقدم إلا القوةوالتقدم ، والمتجدد الأریب إنما یرید أن یزداد قوة وتقدما , ومن التجدد أن یعرف منیروم تغییرا کیف یغیر , فلا یدع الحسن المجمع علی حسنه إلی قبیح لا ریب فیقبحه ."