خلاصه ماشینی:
"و أما بعد عصر النبوة،فی عهد الراشدین،فإن الأزمة السیاسیة التی نشأت أول الأمر بعد وفاة الرسول صلی الله علیه و سلم،و ما أحدثته من خصومات و نزاعات داخل المجتمع الإسلامی،و بدء حرکة الفتح و من ثم توسعها،و ما أدخلته هذه الحرکة-إضافة إلی نمو الحیاة نفسها-من أنماط جدیدة فی العیش و التعامل و العلاقات..
(ب)موقف نقد0 من مسألة سد باب الاجتهاد: و نحن لا نشک فی أن هذا الإجراء لم یکن قط موضع رضاء و قبول عام،بل کان ثمة دائما من یعترض علیه من علماء المسلمین الکبار من أهل السنة،و أتیح لکثیر منهم فی السنین الأخیرة أن یعلنوا رأیهم الصریح فی ضرورة فتح باب الاجتهاد لتأخذ حرکة الاجتهاد فی الشریعة أبعادها الکاملة،و تظهر مرونة الشریعة الغراء من خلالها قبول التحدی الحضاری و الاستجابة له،و ترشیده بما ینسجم مع أصول الإسلام و مبادئه الکبری و قواعد التشریع العامة فیه.
و قد استمرت حرکة الاجتهاد فی النمو و الاتساع طیلة عهد الأئمة المعصومین و تحت رعایتهم و توجیههم إلی أن بلغت أشدها،و استجابت لضرورات المجتمع الإسلامی فی ذلک الحین،بحیث صرحوا بتقلید الفقیه من قبل العامی غیر العارف،و هذا ینسجم مع نمو المجتمع الإسلامی و انتشار الفقهاء المجتهدین فی جمیع أرجائه،و زیادة التعقید فی شؤون الحیاة التی بلغت فی القرن الرابع الهجری درجة عالیة من النمو الحضاری مع کل ما یثیره هذا النمو من مسائل و یحدثه من مشکلات آنیة تتطلب أجوبة سریعة لا تحتمل التأجیل إلی حین لقاء المعصوم.
و هذا العزل السیاسی أدی تدریجیا إلی تقلیص نطاق الهدف الذی تعمل حرکة الاجتهاد عند الشیعة لحسابه،و تعمق علی مر الزمن شعورها بأن مجالها الوحید الذی یمکن أن تنعکس علیه فی واقع الحیاة و تستهدفه هو مجال التطبیق الفردی."