خلاصه ماشینی:
"(2) الأرضیة المناسبة التی یوجدها الاسلام لنظامه الاقتصادی یجد الباحث أمامه-فی هذا الصدد-ثروة هائلة من النصوص الشریفة،التی تؤکد مفاهیم متنوعة و احکام کثیرة و سنن تاریخیة ثابتة،و کلها تخدم قضیة الاقتصاد الاسلامی و تساهم طبیعیا فی تحقیق اهدافه المنشودة و نحن نشیر هنا إلی جملة من هذه الامور مؤکدین علی أننا لم نستوعب القسم الأکبر منها: أ-الملکیة الحقیقیة لله تعالی: و هی أهم الحقئق التی تصوغ التصور الانسانی،کما تترک أثرها البالغ علی السلوک الاقتصادی للفرد المسلم،فالملک لله الواحد القهار،و هو تعالی منح ملکیة اعتباریة قانونیة للانسان کی یقسم الوضائف فیما بین افراده و یقوم بإعمال هذه الملکیة وفق ما أراده الله من مقاصد لصالح البشریة.
و قد عد الامام الصادق علیه السلام کما فی بعض الروایات کل الصفات الحسنة من جنود العقل،و کل الصفات الرذیلة من صفات الجهل،و لا نستطیع هنا أن نسرد کل ما ورد أو نتعرض لکل التفاصیل التربویة و إنما نشیر بالخصوص إلی أن النظام الاخلاقی و التربوی الاسلامی یربی فی الانسان روح التبرع،قبل أن یؤکد له علی الحریة الاقتصادیة و امکان التمتع بها فی مصالحه الخاصة،و قصة قارون معروفة حیث ترکز هذا المبدأ الأخلاقی (و ابتغ فیما آتاک الله الدار الآخرة و لا تنس نصیبک من الدنیا) 9.
و مجمل الأمر فیه أن الاسلام عبأ هذا النظام بکل العناصر اللازمة التی تجعله قادرا علی استیعاب المتغیرات الحیویة و هی فی المجال الاقتصادی کثیرة و سریعة لأنه مجال یرتبط بتعقیدات الحیاة الاجتماعیة للانسان کما یرتبط بقدرة الطبیعة علی العطاء،و الظروف البیئیة المناسبة و غیر ذلک؛ففرق کبیر فی مجال توزیع الارض و مالکیتها بین حالة الوفرة الکاملة للمساحة الأرضیة،و القدرة الیدویة الناقصة للإنسان،و حالة القلة و الضیق المتزاید نتیجة لمعدلات النمو البشری من جهة،و القدرة التکنیکیة الهائلة للانسان علی استصلاح الأرض."