خلاصه ماشینی:
"و المفارقة الأخری أن هذا العالم السفلی لا یتمکن من سلوک طریق الارتقاء و التکامل إلا بعدما یکون قد انفعل بالنور العلوی و أصاب بعضا من حقیقته،أی بعدما تکون هموم الحق و العدل قد أخذت بالتداعی وفق میزان السماء و معیارها،و بعدما تکون ذؤابة الباطل و الظلم و العبودیة لغیر الله قد شابت تحت سطوع نور الإیمان الذی یبدأ بمحاکاة خط الألوهة بتمثل خلقه و تجسید قیمه و بالطموح إلی أهدافه حیث ینصهر الفرد فی مجتمع التوحید و یتحول المجتمع إلی کتلة ثوریة تقتلع جذور الظلم و الاستغلال و الاستعباد الناسوتی و تری فی العبودیة لله و الخلوص له بالعمل بشرعه، أرقی أنواع الحریة.
التربیة السیاسیة فی الإسلام تقوم علی سیاسة التوحید و فی اطارها:«هذه التربیة الإسلامیة تجعل من الدنیا فی نظر المسلم طریقا للآخرة و تحول الحیاة إلی مسرح للبناء و العمل الصالح بدلا من أن تکون مسرحا للتنافس المحموم علی المال و المتاع دون أن تغفل حقوق البدن و مقتضیاته»10{/و ابتغ فیما آتاک الله الدار الآخرة و لا تنس نصیبک من الدنیا و أحسن کما أحسن الله إلیک و لا تبغ الفساد فی/} (8)الإمام الخمینی،الجهاد الأکبر،المکتبة الإسلامیة الکبری،طهران 1400 ه ص.
حسب الرؤیة الإسلامیة،فإن المعرکة الکبری للإنسان یجب أن تدور رحاها مع نفسه و المنازلة الحقیقیة مع اغراءات و فتون الدنیا التی تتسرب إلی النفوس لتحرفها عن فطرتها الإنسانیة أی نورها الطبیعی التی فطرها الله علیه،لتحیله أو لیحور معها رمادا لاحتراق النفس فی أتون النوازع و الشهوات و مجمر النزوات و الغرائز المستبدة العاتیة التی تستحوذ علی العقل و تسد أمامه أبواب الرؤیا و التطلع إلی الأفضل و تتغلغل فی ثنایا الوجدان طاغیة فیه علی کل خلجاته و نبضاته لیستقر فی ذات الإنسان رکاما أسجم أوفحمة سوداء."