خلاصه ماشینی:
"ومن الواضح أنهما لیسا علما واحدا ، بل الکلام علم والاصول علم آخر ، أما لماذا کان هناک مجموعة واحدة من العلماء تتکفل بدراستهما معا ، أو إن الذین یکون لهم باع فی الأبحاث الکلامیة ، یکون لهم أیضا باع طویل فی المباحث الاصولیة ؟ ومن أین نشأت وحدة الاهتمام بین هذین العلمین ؟ وللجواب علی ذلک لابد من الاشارة إلی نقطتین : النقطة الاولی : إنه لم یکن حجم الابحاث الاصولیة فی ذلک الزمان کبیرا ؛ ولذا لم ینظر إلیها بعنوان أنها علم مستقل ؛ ومع ذلک لابد من وجود جماعة تتبنی هذا العلم ، فأما المحدثون فلم یکن عندهم تلک الأرضیة المناسبة للاهتمام بالاصول ؛ لأن نقل الحدیث بحاجة إلی حافظة ، لا الی تعقل ودقة وتطبیق ، وعلماء النحو أیضا لا علاقة لهم بهذه الأبحاث ، وأما الکلام والاصول فهما تحت غطاء العقل والمباحث العقلیة ؛ ولذا فإن اقرب المناهج الفکریة للأبحاث الاصولیة هی الأبحاث الکلامیة .
ولا خلاف فی تقسیم الأحکام إلی تأسیسیة وإمضائیة ، ولا فی المبنی الکلامی المتقدم ـ والذی علی أساسه یثبت اعتبار الأحکام الإمضائیة ـ وإنما وقع الخلاف فی أنه کیف نحرز إمضاء الشارع للأحکام العرفیة ؟ والطریقة المعروفة فی ذلک هی الفحص عن ردع الشارع أو عدم ردعه ؛ فإحراز إمضاء الشارع یتم ؛ إما بکون المکلف فی زمان الشارع موجودا فیطلع علی وجود القاعدة العرفیة الکذائیة وإمضاء الشارع لها ، أو لا یکون فی زمان الشارع ، فعلیة حینئذ الفحص عن أن هذه القاعدة العقلائیة هل کانت فی زمان الشارع أم لا ؟ وإذا کانت موجودة فهل ردع عنها الشارع أم لا ؟ إلا أن الامام الخمینی اختار طریقا آخر لإحراز إمضاء الشارع ، وقد استفاد ذلک الطریق من مبنی کلامی ؛ هو أن الأئمة علیهمالسلام یعلمون ـ بواسطة علم الإمامة ـ بحصول سیرة لها خصائص معینة بعد زمانهم ، فإذا لم یرتضوا تلک السیرة فالمفروض أن یردعوا عنها ، وإلا فعدم الردع یساوق الامضاء ."