چکیده:
بما أن الله عزوجلّ أناط تغيير مصير البشر بتغيير نفوسهم، و لم يشأ أن يفرض الدين علي الإنسان بالجبر و الاکراه، فإن ظهور الحجة المنتظر( بعد قرون من الغيبة أمر يتعلق بتغير نفوس الشيعة و إنتخابهم الحرّ. و «الفرج» و هو قدرة الإسلام الحقيقة منوط بإنتخاب حر لذلک الإمام( من قبل الشيعة، إذ لن يثمر الانفعال و الخضوع للظلم سوي مزيد من الضعف و الذلة.إن غيبة الذخيرة الإلهية لآخر الزمان المکتظ بالظلم و الجور، فرصة ذهبية لمحو الأخطار و التهديدات، و کل هذا سيتم علي يدي بقيةالله( اللشيعة الصادقين الأکياس، حتي تمهّد «التقوي و التقية» عند البشر مقدمات الظهور.الشيعة ألّذين يشعرون بثقل أعباء الغيبة علي کواهلهم، أدرکوا بکل فراسة و حنکة أنّ تشکيل حکومة محلية و وطنية في أي عصر من عصور التاريخ، بحاجة إلي برمجة شاملة، و تربية عناصر مميزة و مخلصة، و تحشيد الطاقات و الإمکانيات و غير ذلک من العوامل الضرورية، فما بالک بتشکيل حکومة عالمية تقوم علي أساس الدين و التقوي و الفضائل الأخلاقية، و ذلک في عصر السيادة المطلقة للکفر و الفسق العالميين و شمولية الظلم و الجور لکلّ أرجاء المعمورة. لهذا، يبدو في الوهلة الأولي أنه من الضروري رسم خارطة «دکترين» (الأطروحة) للظهور بهدف صياغة الأهداف، و مسار حرکة الشيعة، و تخمين الحجم الهائل للخطوات و البرامج التنفيذية الصغيرة و الکبيرة... خارطة تکون لها قابلية برمجية ممتازة في تقريب و توحيد العالم الشيعي، و يکون بوسعها إخراج الشيعة عن حالة الانفعال في إنتظارهم، و تعبئة کل التجارب التاريخية و الفضائل العلمية و الکوادر البشرية و الإمکانات المادية للعالم الشيعي في إطار خطة (برامج) جامعة و شاملة.البحث ألّذي نقدمه الآن لقرائنا الناقدين المتبصرين بهدف رسم و بلورة رسالة التشيع في عصر الإنتظار، يتوزع إلي قسمين رئيسيين:القسم الأول: تبيين مکانة الإمام في النظام الکوني و النظم البشرية، و دور شيعته في تحقيق الوعود الإلهية عن طريق معالجة المباني النظرية للإعتقاد بالمهدوية و الرسالة الشيعية. إن المفهوم الحقيقي للإنتظار کعملية فاعلة، و ليست منفعلة، يعبّر عن رسالة التشيع في عصر الإنتظار و واجبات الشيعة أمام الدين.القسم الثاني: نحاول عن طريق طرح الرسالة العملية للشيعة و أهدافها و إستراتيجياتها في عصر الغيبة، أن تخوض بشکل جاد و تطبيقي في مشروع حکومة الصالحين و المتقين علي الأرض. في ضوء التعميق في تاريخ التشيع، و تاريخ الدين، و تاريخ الأنبياء و الأولياء معه من ناحية، و بنظرة واسعة شاملة لعالم التشيع، بل للعالم السياسي المعاصر من ناحية ثانية و باستلهام الروايات الخاصة بالظهور التي تضيئ لنا مشهد العالم خلال عصر الظهور من ناحية ثالثة، تمت صياغة مشروع يبتني تماماً علي إجتهاد فقهاء شباب ترعرعوا في تربة القرآن، و تربوا في مناخات العقل النظري و العقل العملي، و أضحوا قادرين عبر تمکنهم من العلوم و المعارف و اللغات الحية في العالم، علي التقدم بخطوات حثيثة ـ و بفضل أفکار منظمة و مؤسسات قديرة ـ في طريق تربية أنصار المهدي و إنتاج برمجيات حکومية، و إعداد ثقافة عالمية لکل الأرض، إلي درجة ترتفع معها أسباب الغيبة في خواص الشيعة و في عمومهم، و کذلک في الروح و الثقافة العالمية، إن شاء الله.و الجدير بالذکر أن هذه المقالة مستقاة من رسالة «اطروحة (دکترين) الظهور» أو «خارطة الشيعة من اليوم حتي الظهور».(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ألّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(«السلام علي ربيع الأنام و نضرة الأيام»
خلاصه ماشینی:
فی ضوء التعمیق فی تاریخ التشیع، و تاریخ الدین، و تاریخ الأنبیاء و الأولیاء معه من ناحیة، و بنظرة واسعة شاملة لعالم التشیع، بل للعالم السیاسی المعاصر من ناحیة ثانیة و باستلهام الروایات الخاصة بالظهور التی تضیئ لنا مشهد العالم خلال عصر الظهور من ناحیة ثالثة، تمت صیاغة مشروع یبتنی تماما علی إجتهاد فقهاء شباب ترعرعوا فی تربة القرآن، و تربوا فی مناخات العقل النظری و العقل العملی، و أضحوا قادرین عبر تمکنهم من العلوم و المعارف و اللغات الحیة فی العالم، علی التقدم بخطوات حثیثة ـ و بفضل أفکار منظمة و مؤسسات قدیرة ـ فی طریق تربیة أنصار المهدی و إنتاج برمجیات حکومیة، و إعداد ثقافة عالمیة لکل الأرض، إلی درجة ترتفع معها أسباب الغیبة فی خواص الشیعة و فی عمومهم، و کذلک فی الروح و الثقافة العالمیة، إن شاء الله.
بمثل هذه الرؤیة، فإن عالم التشیع ألذی انتقل علی مر التاریخ من مراحل تکریس الهویة و رسم حدوده الفکریة و العقیدیة و الانتشار الکمی و النمو النوعی إلی أطوار تشکیل الحکومة الإسلامیة و الشیعیة فی ایران الکبری، مارا بحیاة ملؤها الجهاد و الآلام و المحنف علیه الآن أن یجمع و یعبئ عصارة فضائله و خلاصة تجاربه، حتی یکتسب فی مسار فعلیته المستمرة و تحقیق قواه و قابلیاته، القدرة و البلوغ اللازمین لإدارة العالم، فیملأ قلوب و عقل العالم بالشعور بالحاجة لحکومة الدین و سیادة التعالیم القیم الإسلامیة.