خلاصه ماشینی:
"الحادی عشر ـ إثبات المراد من الخیر فی قوله تعالی « ذلکم خیر لکم » : من المسائل التی وقع الاختلاف الشدید بین الفقهاء فیها وجوب صلاة الجمعة فی عصر الغیبة مع وقوع الاتفاق بینهم علی عدم وجوب حضور الخطبة ، ولذلک یری السید الخوئی أن قوله تعالی : « فاسعوا إلی ذکر الله وذروا البیع » محمول علی الاستحباب مستدلا بقوله تعالی : « ذلکم خیر لکم » ؛ فإن الخیر للتفضیل لا أنه فی مقابل الشر ، فلا یستعمل إلا فیما إذا کان کلا الطرفین حسنا فی نفسه غیر أن أحدهما أحسن من الآخر ، فمعنی الآیة : أن التجارة وإن کانت ذات منفعة مالیة وقد یترتب علیها فعل محبوب اخروی ؛ إلا أن السعی إلی ذکر الله وما عند الله من الجزاء الدائم والثواب الباقی خیر من تلک المنفعة المالیة ومن اللهو والالتذاذ النفسی الذی یطرؤه الفناء ویتعقبه الزوال بعد قلیل .
ویدافع الشیخ محمد تقی الأصفهانی عن هذه الفکرة ـ وإن کان لا یرضی بتشبیهها بالقواعد النحویة کما فعله البحرانی ـ مشیدا لها بشکل علمی فی حاشیته ، فیری أن الاستقراء هذا وتتبع الأخبار لاستفادة العموم لیس هو من الاستقراء الظنی ؛ وإنما هو عبارة عن ظهور عرفی مجموعی للأخبار لا فردی ، وذلک فی مسألة وجوب الاجتناب فی الشبهة المحصورة ـ والذی تقدم منا الإشارة إلیه ـ یقول :« ولیس ذلک من قبیل الاستقراء الظنی کما قد یتوهم بعض العبائر لیکون من قبیل إثبات القواعد النحویة ونحوها من تتبع مواردها ، بل نقول : إنه مستفاد من ملاحظة جمیع تلک الأخبار ، فهو مدلول عرفی لمجموع تلک الروایات ، وکما أن المستفاد من ظاهر خبر واحد حجته شرعا فکذا المستفاد من جمیعها بعد ضم بعضها إلی بعض ؛ لاندراجه إذا تحت المدالیل اللفظیة » ( (58) ) ."