خلاصه ماشینی:
"والمجتمع بالتکافل والتعاطف ، والراحة النفسیة والهدوء والاستقرار ، فإنه بإذن الله ، سیقضی علی الجریمة ، بالقضاء علی أسبابها ، وحصر المؤثر فیها ، وبکبت صغائرها قبل التفاقم ، ما دام فیه من یمثل رجال الحسبة بالأمر والنهی ، والنصح والتبیین ، ورجال فی المجتمع یتقبلون منهم التوجیه ، ویستجیبون للنصح ، ویمتثلون بالتطبیق ، وهذا یمثل الأخذ والعطاء ، أو__________(1) أعمال الحسبة فی الإسلام تحدث فیها کثیر من العلماء ، منهم شیخ الإسلام ابن تیمیة الذی ألف کتابا فی أعمال الحسبة وأثرها فی مکافحة الجریمة ، وذلک بالقضاء علی مسبباتها ، وبین ما یجب علی رجال الحسبة أداؤه ، وأوضح أعمالهم التی کانوا یقومون بها فی عصور الإسلام الأولی حتی وقت المؤلف ، حیث استمدوا ذلک من مصدری التشریع کتاب الله ، وسنة نبیه محمد صلی الله علیه وسلم ، وما سار علیه السلف الصالح من هذه الأمة ، وبالأخص ما جاء فی سیرة الخلفاء الراشدین ، حیث کان عمر بن الخطاب رضی الله عنه النموذج الفرید لأعمال الحسبة .
وقد رسم صلی الله علیه وسلم فی أصول تربیته للمجتمع المسلم ، وتوجیهاته لأبناء الأمة المسلمة ، طرقا یستنیر بها أبناء المجتمع فی التوجیه والعمل ، وتعینهم فی رسم المنهج لبیئة الإسلام ، من حیث الحصانة الفردیة ، والوقایة الجماعیة ، حیث أبان صلی الله علیه وسلم فی حدیث النعمان بن بشیر رضی الله عنه أن المرء فی توقیه الشبهات والمحارم کالراعی یرعی حول الحمی ، یوشک أن یرتع فیه وأن حمی الله محارمه ، ولکی یستبرئ المرء لدینه وعرضه ، ویتجنب المحارم التی نهی التشریع الإسلامی عنها ، فإن علیه أن یتقی الشبهات وأن یقف عند حدود الله ، وبذلک یقی نفسه مسارب الجریمة ، ویقوده القلب السلیم إلی العمل الحسن ، حیث إنه ملک الجوارح ، وهو الموجه للخیر إن صلح ، وللشر إذا هو فسد ، کما قال صلی الله علیه وسلم : « ألا وإن فی الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد کله ، وإذا فسدت فسد الجسد کله ، ألا وهی القلب » (2) ."