خلاصه ماشینی:
"و المخزون المعرفی،یتکون عبر رحلة الإنسان الطویلة،و لا یتوقف إلا فی نهایة الرحلة،و هذه الرحلة دقیقة و خطیرة،لأنها هی المسؤولة عن استقامة الأنا،فکیف یتکون الشعور؟ جمیع الولادات عند إبصارها النور تکون ملساء الشعور،و لا تدرک شیئا عن العالم الخارجی،و إذا کان الطفل یستجیب لتناول الحلیب من ثدیی أمه،فهذا فعل منعکس من دافع الجوع،و هذا الدافع غریزی،لا یشعر الطفل کیف قام به،ولو کان لحواس الأم الدور الأهم فی توجیه حواس الطفل للعمل، استجابة للآلیة التی بنی علیها الجسم، فالطفل الذی یندفع للمرة الأولی لأخذ حاجته من الطعام،لا یعرف أن الطعام یعید إلی عضویته توازنها فهو یمص کل ما یقع فی فمه،و خاصة حلمة ثدیی أمه،و لکن حلمة أمه وحدها،هی التی تزیل الشعور الداخلی بالجوع،و بفضل توجیه أمه یکتسب عادة الرضاعة أو الطریقة التی من خلالها یوصل الطعام إلی معدته،و بهذا یکون اکتساب آلیة هذه العادة بواسطة الحواس الأخری،التی لا ترتبط به عضویا،و إنما یکون الطفل محاطا بشعور و حواس أبویه،و هذه الإحاطة غیر إرادیة،و لیست مصطنعه،و إنما هی فعل عفوی،یتدفق إلی الخارج حیث یترجم لفعل ملموس،و هذا الفعل یدرک بالعقل،و یشاهد بالعین،و هو المسؤول عن حفظ النوع البشری و وضعه فی السیاق الأخلاقی الذی یجب أن یکون.
و فی هذه الحالة التی افترضناها- المخلوقات لا تتمتع بالحواس-نقول:إن الشعور سیکون خال من التعقیدات الموجودة فیه حالیا،و المتأثرة بما تعکسه حواس الإنسان من المشاهدات التی یراها و یسمعها فی العالم الخارجی و هنا نقول:إن الحواس هی التی تبنی مدامیک الشعور،و هی التی تکدس فیه الصور عن الواقع الموجود بین الجهات الست، و هی التی تبنی المفاهیم فی الإدراک العقلی الذی یخزن فی الشعور ماهیات و جوهر الظواهر المادیة و المعنویة الموجودة و المفترض أنها موجودة."