خلاصه ماشینی:
"(به تصویر صفحه مراجعه شود) و هناک اتجاه تجدر الاشارة الیه فی هذا المقام،اتجاه یری أن الحضارة الاسلامیة انما هی امتداد للحضارة العربیة قبل ظهور الاسلام،علی أساس أنه کان للعرب حضارة راقیة قبل الاسلام،فقد کان لهم دول ذات نظم سیاسیة و اقتصادیة و اجتماعیة،و خلفت آثارا معماریة لها شأن کما هو الحال بالنسبة الی الیمن،و الدول و الامارات العربیة التی قامت علی أطراف شبه الجزیرة العربیة،مثل امارة المناذرة فی الحیرة.
و قولنا:ان الحضارة الاسلامیة لم تکن تطورا طبیعیا للحضارة العربیة قبل الاسلام، لا یعنی أننا نرید التقلیل من شأن العرب و حضارتهم قبل الاسلام،فالعرب قبل الاسلام لهم محصول حضاری یخصهم قد لا یرقی الی مستوی الحضارات التی کانت تجاورهم فی العراق و فارس و الشام و مصر، الا أنهم کانوا یتمتعون باستعداد فطری هائل للتحضر،و للنهوض بالرسالة السماویة الخالدة التی حملهم الله تعالی ایاها،و لو کان العرب قوما کسالی أو عارین من الفضائل الانسانیة، و الملکة العقلیة البدعة،لما حملهم الله تعالی أکمل رسالة سماویة و خاتمها،فکون الرسالة الاسلامیة تتنزل علی رسول عربی،و تنتدب (1)راجع نظام الحکم فی الشریعة و التاریخ.
و لا نطیل الحدیث عن حضارة العرب قبل الاسلام-و ان کان الموضوع فی ذاته مهما -لأن موضوعنا هو الحضارة الاسلامیة، و انما یکفی هنا أن تقول: انه کانت للعرب حضارة قبل الاسلام، و لکنها ما کانت لتبلغ ما بلغته الحضارة الاسلامیة بدون الاسلام،و یکفی الأمة العربیة شرفا ان الله تعالی حملها خاتم رسالاته الی أهل الأرض جمیعا،و أنزل کتابه الکریم بلغتهم،و أنها أمة أثبتت جدارتها لحمل هذه الرسالة الخالدة،و شادت علی أساسها حضارة عالمیة،کانت انسانیة المنزع و الاتجاه،أثرت الفکر الانسانی،و کانت أحد الأسس الرئیسیة التی قامت علیها الحضارة الأوربیة الحدیثة -و قد نعود لتوضیح ذلک فیما بعد."