خلاصه ماشینی:
"و. ما فی المجالات الحضاریة و الفکریة و الثقافیة، فقد استطاعت القوی الإستعماریة أن تفرض فلسفاتها و نظریاتها و مدارسها و مناهجها و معییرها و أخلاقیتها و مقولاتها و موضوعاتها و نماذجها و أنماطها المعیشیة و الإنتاجیة و فی مختلف مرافق الحیاة الإجتماعیة و الفکریة و الثقافیة و الروحیة و الأخلاقیة و النفسیة علی امتنا الإسلامیة،و نمط مجتمعاتنا،و ذلک من خلال سیطرتها علی الجامعة و المدرسة و أجهزة الإعلام المختلفة کالصحف و المجلات و الکتب، و کذلک من خلال المراکز التبشیریة التی بثوها هنا و هناک مع إمکانات کبیرة لجذب القطاعات الفقیرة الیها و جعلها سائرة فی رکابها،الأمر الذی أدی الی نتائج خطیرة نوجز بعضها:- أولا:أبعد أعدادا کبیرة نم المثقفین و المفکرین عن الفکر الإسلامی الأصیل،و قطعهم عن المسار التاریخی الذی کانت تعیشه هذه الامة،و زرع فی عقولهم مجموعة کبیرة من المفاهیم و النظریات و المناهج المشوهة النابعة من الحضارة الغربیة حول الإسلام و الدین و التراث و التاریخ و تجربة المجتمعات الإسلامیة.
ثم ان هناک مشکلة اخری واجهت الفکر الإسلامی الذی لم یصب بالتشوه و الإنحراف و بقی محافظا علی التواصل مع الإسلام،و تجربة المجتمعات الإسلامیة،و هی الناتجة عن الإنقطاع الذی حصل بسبب سیطرة القوی الإستعماریة علی بلادنا و غزوها الحضاری لفکرنا و عقیدتنا و حضارتنا،الأمر الذی أدی الی انه لو أراد هذا الفکر أن یواجه القضایا و المشاکل الراهنة التی ابتلیت بها الأمة علیه أن یأخذ بعین الإعتبار معالجة واقع یختلف عن الواقع الذی عالجة السابقون عند ما تصدوا لمواجهة المشکلات و الصراعات و المستجدات،و السبب فی ذلک یرجع الی أن العلماء و المفکرین و الفلاصفة الذین سبقونا کانوا یحاولون أن یجدوا الحلول لمشاکل الواقع الذی لم ینقطع سیاقه التاریخی،و هذا بخلاف ما فی عصرنا الحاضر،فإن الإستعمار استطاع أن یدخل الی کثیر من مرافق الحیاة فی مجتمعاتنا شملت:المدرسة، و العادات،و السلوک،و الدولة و موسساتها،و یزرع فیها الشقافة الغربیة و مناهجها،و هو الذی لم یحدث حتی فی فترة الحروب الصلیبیة التی شنت ضد بلادنا."