خلاصه ماشینی:
"فلذا شرع سبحانه الحدود التی هی أصلح علاج لأمراض الأمة , وأنجع دواء لأدوائها , ابتداء بحد القذف والخمر , وانتهاء بحد الرجم وقطع ید السارق , وعقوبة المحاربین ومن ألحق بهم من أهل الجرائم , وما کان من هذه الجرائم فردیا یقع أثره علی الأفراد جعل حده غیر قابل للزیادة والنقصان , وما کان من الجرائم أثره عاما یهدد کیان الأمة بالاضطراب , ویجرئ أهل الشر علی الخروج علانیة , شرع له عقوبة قویة وجعل أمرها عائدا إلی ولی أمر الأمة , وراعی مصالحها , والمسئول عن المحافظة علی أمنها وإشاعة العدل والأمان بین أفرادها , ومن ذلک جریمة المحاربین الساعین فی الأرض بالفساد , وحصر جزاء هذه الفئة بما ذکره سبحانه فی آیة المائدة حیث قال عز وجل__________(1) سورة الأنفال الآیة 29 (12/80) { إنما جزاء الذین یحاربون الله ورسوله ویسعون فی الأرض فسادا أن یقتلوا أو یصلبوا أو تقطع أیدیهم وأرجلهم من خلاف أو ینفوا من الأرض ذلک لهم خزی فی الدنیا ولهم فی الآخرة عذاب عظیم } (1) وقد قرر المحققون من أهل العلم أن الإمام مخیر فی إیقاع إحدی العقوبات المنصوص علیها فی هذه الآیة علی من اتصف بالصفة المذکورة فیها , وأن لفظة (أو) تفید التخییر وهذا المعنی هو الذی أخذ به کافة أعضاء هیئة کبار العلماء , کما هو موضح فی القرار رقم (85) فی 11 \ 11 \ 1401 هـ الصادر فی هذه الدورة , ولم یخالف فی ذلک أحد , ونظرا لأن أکثریة الأعضاء رأوا أن التخییر المنصوص علیه فی الآیة ینبغی إسناده إلی القضاة ؛ لأنهم نواب الإمام فی إصدار الأحکام , واستثنوا من التخییر ما لو قتل المحارب فی محاربته أحدا فرأوا أنه لا خیار فی قتله , وأن قتله حتم , وأن ذلک إجماع علی ما حکاه ابن المنذر رحمه الله (2) ."