خلاصه ماشینی:
"وبالرغم من المحاولات الحثیثة التی قام بها الملوک والحکام فی مواجهة حرکة الإمام الصادق× وإیجاد عقبات فی طریق نشاطه العلمی، وبالرغم من إیحاءاتهم المتکررة إلی بعض وعاظ السلاطین من خطباء المنابر وکتاب التاریخ وغیرهم من المأجورین، إیحاءاتهم إلیهم بأن یعملوا کل بوسعهم فی سبیل طمس الحقیقة وخنق هذا النور المحمدی المتصاعد، الذی أدرکوا جیدا أنه لو عم وفشا لملأ الأرجاء، ولکان فیه فضیحتهم وفضیحة جمیع من یلوذ بهم، بالرغم من ذلک کله، إلا أنه لم یمنع من سطوع نجم الإمام× وتحوله إلی مصدر غنی من مصادر الإسلام؛ إذ علی کل من الإمامین الباقر والصادق’ تتلمذ أئمة الفقه، وعنهما أخذ رواة الحدیث، وبهما علا شأن العلم والمعرفة، ومنهما أخذ تفسیر القرآن، وقد شهد بذلک الفقهاء والعلماء والمحدثون والمتکلمون والفلاسفة وعلماء الطبیعة وغیرهم، الذین أشادوا بعلم الإمامین ’ ومقامیهما، ولم یخفوا مقدار ما استفادوه من الجامعة العلمیة التی أسساها وشیدا أرکانها.
ع. شیخ الأزهر الأستاذ محمد أبو زهرة: قال فی مقدمة کتابه: (الإمام الصادق): «أما بعد فإننا قد اعتزمنا بعون الله وتوفیقه أن نکتب عن الإمام جعفر الصادق، وقد کتبنا عن سبعة من الأئمة الکرام، وما أخرنا الکتابة عنه لأنه دون أحدهم، بل إن له فضل السبعة علی أکثرهم، وله علی الأکابر منهم فضل خاص، فقد کان أبو حنیفة یروی عنه، ویراه أعلم الناس باختلاف الناس، وأوسع الفقهاء إحاطة، وکان الإمام مالک یختلف إلیه دارسا راویا، وکان له فضل الأستاذیة علی أبی حنیفة ومالک، فحسبه ذلک فضلا، ولا یمکن أن یؤخر عن نقص، ولا یقدم غیره علیه عن فضل، وهو ـ فوق هذا ـ حفید زین العابدین×، الذی کان سید أهل المدینة فی عصره فضلا وشرفا ودینا وعلما، وقد تتلمذ له ابن شهاب الزهری، وکثیرون من التابعین، وهو ابن محمد الباقر الذی بقر العلم ووصل إلی لبابه، فهو ممن جمع الله تعالی له الشرف الذاتی والشرف الإضافی، بکریم النسب والقرابة الهاشمیة والعترة المحمدیة»( 190 )."