خلاصه ماشینی:
"و من ناحیة أخری،فلم تکن مشارکة الاتحاد السوفیتی الجوهریة فی هذه العملیة التاریخیة نتیجة مبادرة سوفیتیة خالصة فی مقابل سلبیة الأطراف ذات المصلحة المباشرة فیها،أی الدول و الحرکات الوطنیة التی سعت للحصول علی الاستقلال السیاسی و تصفیة الأشکال الأکثر قهرا و استغلالا للتبعید الاقتصادیة للغرب،فما حدث هو أن تلک الدول و الحرکات الوطنیة قد غیرت من بیئة صنع السیاسة الخارجیة السوفیتیة مما حفز انتقال السوفیت من سیاسة العزلة و تجاهل العالم الثالث نسبیا الی سیاسة مبادرة نشیطة و التحالف مع الدول و الحرکات الوطنیة فی هذا العالم.
لقد استمر هذا المد العالمی للقوة السوفیتیة بصورة منسجمة حتی منتصف السبعینات- فحول ذلک الوقت کان التناقض العاصف بین حرکات التحرر السیاسی و تصفیة الشروط الاستعماریة للعلاقات الاقتصادیة الدولیة للعالم الثالث و الاستعمار التقلیدی قد تم حله الی حد کبیر.
و من هذا المنظور،فان مستقبل هذه السیاسة یرتهن بطبیعة الاختیار الاجتماعی الذی تقوم به الکتلة الأساسیة من دول العالم الثالث إزاء نمط جدید من التناقضات و ثانیا إن فهم السیاسة الخارجیة للاتحاد السوفیتی یرتبط بفهم جملة الأوضاع التی تحکم علاقة الظروف الداخلیة لأی مجتمع و الظروف الخارجیة لهذا المجتمع.
و هو ما یقود فی إطار الساحة العالمیة الراهنة إلی المیل للتحالف مع الاتحاد السوفتی باعتباره القوی العالمیة الکبری القادرة علی تقدیم مساندة فعاله ضد إسرائیل و الولایات المتحدة فی الکفاح الوطنی للشعوب العربیة،و هناک ما یدفع الی إحداث تعدیل جوهری فی التوجه الاجتماعی للدول و النظم السیاسیة القائمة فی الدول العربیة بما یدفع نحو إعادة أواصر التحالف مع الغرب."