خلاصه ماشینی:
"لقد تتابع التوظیف السیاسی لمجالس العزاء وفق ما درج علیه البویهیون لفترات متلاحقة، کما علی عهد المغول والصفویین والقاجاریین، وحتی عصر رضاخان البهلوی، ومن المفارقات أن یروی لنا التاریخ اهتمام المغول بقضیة الحسین× علی الرغم من وحشیتهم وابتعادهم عن الثقافة والحضارة، فانتشرت علی عهدهم الحسینیات وأماکن العزاء الرسمی، وإن کانت غایتهم من ذلک مفضوحة لا تحتاج إلی کثیر من الاستدلال؛ فلیس ثمة ما یؤرق بال هؤلاء الأجلاف أکثر من مسألة الحکم واستمرار سطوتهم علی الرقاب، وهم لا یترددون فی توظیف أی وسیلة تساهم فی تحقیق هذا الهدف الأوحد، ولیس هناک أنسب من موضوع الحسین× وإقامة العزاء علیه فی تخدیر الغلیان الشیعی والسیطرة علی ما هو وشیک من الثورة، إذا فلا فرق عند المغول فی نوعیة المذهب سواء کان شیعیا أو سنیا، المهم عندهم أن یکون الشعب منشغلا بأموره ومتقوقعا داخلها دون التدخل فی قضایا الحکم والسیاسة، وهنا ظهرت البوادر للاتجاه الفردی فی الدین وتفکیکه عن السیاسة.
وقد أطلق علیها: الهیئات الثوریة، فی مقابل: الهیئات التقلیدیة، التی بدأت فعالیتها خلال الأجواء المشحونة فی المرحلة الثانیة من عمر الهیئات والمواکب الحسینیة، وکان یعبر عنهما أحیانا بوصفهما نوعین من الإسلام: الإسلام المتحجر والإسلام المتنامی، أو من خلال قراءة التشیع بوجهین: التشیع الأسود والتشیع الأحمر، أو التشیع الصفوی والتشیع العلوی، بالطبع کانت الغلبة من نصیب الهیئات الثوریة، الأمر الذی نتج عنه إحیاء قدرة هذه المجالس المغیبة ودورها المنسی، بحیث بات من الصعب إنکار دور الهیئات ونشاطاتها الدینیة فی إنجاح الثورة الإسلامیة، وهذا کله مدین أیضا ـ إلی حد کبیر ـ لنجاحات الإمام الخمینی وأتباعه من العلماء فی تقدیم أطروحة عملیة عن ثورة عاشوراء فی انتفاضة الشعب الإیرانی."