چکیده:
الثقافة الاسلامیة تتعرض لغزو التغریب، لا لکی تکون غربیة، بل لتهتز دعائمها، وتضعف بنیتها، ویحبط مفعولها فی الأمة، فما هی طبیعة هذه المواجهة؟ وما هی السبل المتبعة فی هذا التغریب هذا ما یحاول الباحث أن یعالجه، من خلال استعراض مظاهر التغریب التی تمارسها دول الاستکبار العالمی تجاه العالم الإسلامی.
خلاصه ماشینی:
"بل إن الغرب تطلع منذ أن شعر بقوته ودانت له الدول وجابت سفنه البحار، تطلع إلی الإسلام والمسلمین من أجل متابعة إخضاعهم ، خصوصا بعد تفتیت الدولة العثمانیة وتحویل ترکیا إلی دولة علمانیة، فکان أن فرقوا العالم العربی إلی 24 دولة کل دولة لها علمها ورایتها ودستورها وسیاستها واقتصادها حتی لاتکاد تری بینها أثرا للروابط الأخویة أو الدینیة وقد أحاطوا تلک الدول بطریقة من التعامل السیاسی لکل منها بحیث لا تسعی کل دولة إلا لمصالحها وبذلک ضمنوا انعدام قیام الوحدة العربیة ، ثم التفتوا إلی أقطار الإسلام فی الأرض وراحوا یحاصرونها بمثل ذلک فکان أن ولدت بنغلادیش من باکستان وبقیت کشمیر تثیر القلاقل بین الهند وباکستان وأحاطوا أندونیسیا بآلاف المبشرین النصاری، وضغطوا اقتصادیا علی بقیة الدول أو سیاسیا بإثارة الحروب الأهلیة، مما ضمن لهم أن المسلمین لم یعودوا یشعرون بما یصاب به قطر من أقطارهم فضلا عن المسارعة إلی إنقاذه وبحیث صرت تشعر بهذه الغربة القاتلة العربیة والإسلامیة التی یتحسسها المسلم إذا ما نزلت مصیبة بإحدی بلاد الإسلام خاصة فلسطین أو البوسنة والهرسک أو أفغانستان.
کانت الثقافة إذن أحد أکبر الأصول التی راح الاستعمار یشوهها ویطمس معالمها ولهذا قبل أن یستقل جنده سفنهم للاحتلال کان یرسل المبشرین لیمهدوا الطریق إلی غزو فکری ثقافی یشوه فکر تلک الأمة وینشر نمطه الثقافی الحضاری، وکان أول ما سددوا السهام إلیه فی البلدان الاسلامیة المصدر الأول للثقافة الاسلامیة وهو القرآن الکریم فزعموا أنه من تألیف رسول الله(صلی الله علیه وآله) وأنه نزل لجزیرة العرب وأنه أدی دوره وانتهی وأن تطور العصور قد تجاوزه وجعل أفکاره بالیة، وأنه إذا أراد العرب والمسلمون الدخول فی عصر الحضارة الغربیة فما علیهم إلا أن یبتعدوا عنه ویستجیبوا للمذاهب الفکریة الغربیة التی تعبر عن روح حضارتهم."