خلاصه ماشینی:
"وبالتالی فالأمة الإسلامیة تعیش مرحلة الغریزة منذ عدة قرون، وأنه لکی تنهض الأمة من جدید وتدخل فی دورة حضاریة جدیدة لابد أن تمر من جدید بمرحلة الروح، والتی فیها یسمو الإنسان علی غرائزه وعلی موروثاته العقلیة، حیث یدخل فی معاناة لتصفیة الأفکار المورثة، والتی تکمن وراء تخلفه لیستبدلها بأفکار تعبر عن جوهر الإسلام الحقیقی، الذی جعل شرط الإیمان أن یحب الإنسان لأخیه ما یحب لنفسه، والذی جعل للإنسان منذ مولده حقا فی بیت مال المسلمین حتی وفاته.
وإذا تکلمنا بالمصطلحات الدارجة والشائعة الیوم فإننا سنرکز علی ثلاثة تحدیات داخلیة هامة: التحدی الأول: الشوری (الدیمقراطیة) فإذا کان القرآن الکریم منذ أربعة عشر قرنا قد وصف المؤمنین بأن أمرهم شوری بینهم، فلنعترف بأن ذلک لم یتحقق إلا بدرجات متفاوتة فی تاریخنا الإسلامی؛ فقد حکم أبو بکر الصدیق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان(رض) حکما أبویا یمکن أن نطلق علیه (الاستبداد العادل) نظرا لتقوی الحکام، ولکن ما لبث مع ضعف الوازع الدینی عند الحکام والرعیة علی السواء أن انقلب إلی ملک عضوض.
وعلی الجانب الآخر فإن العالم الإسلامی بدأ یستیقظ مع تعرضه للموجات المتتالیة للاستعمار، وبدأ یفکر فی أسباب تخلفه وتقدم الأمم الأخری، وظهرت فیه حرکات المقاومة موازیة لحرکات الإصلاح الداخلی، حتی تمکنت غالبیة شعوبه من الحصول علی استقلالها وخروج المستعمر من أراضیها، وحکمت بحکومات من أبنائها، ما لبثت أن ألقت أسلحتها: أسلحة المقاومة وأسلحة الإصلاح، وظنت أنها قد وصلت إلی ما تصبو إلیه، ورفعت شعارات البحث عن الحقوق الضائعة، واستبعدت الشعارات التی کانت تنادی بضرورة البحث عن الواجبات الضائعة ونسی حکماؤها ومفکروها جوهر القضیة، وهو لماذا تخلفنا وتقدم غیرنا؟!"