خلاصه ماشینی:
"اما القضایا البدیهیة فهی التی تمنحه القدرة علی المعرفة: معرفة نفسه ومعرفة الکون والواقع، وفلسفة الوجود والعلاقات القائمة بین الأشیاء وتلک من قبیل: الایمان بمبدأ العلیة، والایمان بمبدأ استحالة التناقض (الجمع بین النقیضین، وارتفاع النقیضین) و(بعض القضایا الأخری) فهذه قضایا مغروزة فی القناعة والوجدان الإنسانی لا یحتاج للاستدلال علیها، وإلا دخل فی طریق مسدود لأن الاستدلال نفسه یتوقف علیها کما هو واضح.
وعلی هذا فالذی یبدو لنا بکل وضوح ایضا ان مسألة الایمان بنظریة الفطرة الإنسانیة یفسح المجال للحدیث عن جملة مفاهیم من قبیل مفاهیم (الحقوق) و(التکالیف) و(العدالة) و(الإنسانیة) و(الاخلاق) و(الذوق الفنی العام) و(القیم المشترکة) و(الحضارة) و(الحوار) و(الدین) و(المعرفة) و(التصدیق) و(المنطق) بل وحتی (البرهان والاستدلال) و(العلم) لانهما یعتمدان علی عنصر ثابت بدونه لا تسلم لهما حدود ومعالم.
وهذه حقیقة کبری تصطدم بها الاتجاهات المادیة بقوة، ومن هنا جاءت النصوص الإسلامیة لتؤکد علی (الفطرة) وان الدین فی الحقیقة ینسجم مع (الفطرة) لانها واقع أصیل والدین مشروع واقعی لاصلاح الإنسان یقول تعالی: (فأقم وجهک للدین حنیفا فطرة الله التی فطر الناس علیها لا تبدیل لخلق الله ذلک الدین القیم) (1) .
وإلا فکیف نتصور الفطرة التی أعلنت الحاجة إلی الامن وهی تسمح للفرد بالقضاء علی أمن نفسه هو، أو أمن الآخرین، وبالتالی علی أمن المسیرة الإنسانیة کلها دون أن تحدده بما یردعه عن فعلته، حتی ولو کان ذلک بتهدید أمنه؟ الحوار بین الدیانات واسع الابعاد بعد ما سبق نستطیع بکل وضوح أن نقرر امکان الحوار بشکل واسع الابعاد بین الادیان وذلک: 1ـ لأنها جمیعا تؤمن بنظریة الفطرة الإنسانیة وتوابعها ."