خلاصه ماشینی:
"ولیکن نظرک فی عمارة الأرض أبلغ من نظرک فی استجلاب الخراج؛ لأن ذلک لا یدرک إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغیر عمارة أخرب البلاد، وأهلک العباد، ولم یستقم أمره إلا قلیلا، فإن شکوا ثقلا أو علة أو انقطاع شرب أو بالة أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خففت عنهم بما ترجو أن یصلح به أمرهم، ولا یثقلن علیک شیء خففت به المؤونة عنهم، فإنه ذخر یعودون به علیک فی عمارة بلادک وتزیین ولایتک، مع استجلابک حسن ثنائهم وتبجحک باستفاضة العدل فیهم، معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من إجمامک لهم والثقة منهم بما عودتهم من عدلک علیهم ورفقک بهم، فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فیه علیهم من بعد احتملوه طیبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، وإنما یؤتی خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما یعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة علی الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر».
6. یتمحور دور الدولة فی مراقبة وتوجیه النشاط الاقتصادی والتدخل للحفاظ علی الحد الأدنی من الرفاهیة (دولة الرفاه)، ودعم الإنتاج: «ثم الله الله فی الطبقة السفلی من الذین لا حیلة لهم من المساکین والمحتاجین وأهل البؤسی والزمنی، فإن فی هذه الطبقة قانعا ومعترا، واحفظ لله ما استحفظک من حقه فیهم، واجعل لهم قسما من بیت مالک وقسما من غلات صوافی الإسلام فی کل بلد، فإن للأقصی منهم مثل الذی للأدنی، وکل قد استرعیت حقه، ولا یشغلنک عنهم بطر؛ فإنک لا تعذر بتضییع التافه لإحکامک الکثیر المهم، فلا تشخص همک عنهم، ولا تصعر خدک لهم، وتفقد أمور من لا یصل إلیک منهم ممن تقتحمه العیون، وتحقره الرجال."