خلاصه ماشینی:
وبالجملة، فإن الله تبارک وتعالی - لسعة رحمته علی عباده - أنزل هذا الکتاب الشریف من مقام قربه وقدسه، وتنزل به علی حسب تناسب العوالم حتی وصل إلی هذا العالم الظلمانی، وسجن الطبیعة، وصار علی کسوة الألفاظ وصورة الحروف لاستخلاص المسجونین فی سجن الدنیا المظلم، وخلاص المغلولین بأغلال الآمال والأمانی، وإیصالهم من حضیض النقص والضعف والحیوانیة إلی أوج الکمال والقوة والإنسانیة، ومن مجاورة الشیطان إلی مرافقة الملکوتیین، بل الوصول إلی مقام القرب وحصول مرتبة لقاء الله التی هی أعظم مقاصد أهل الله ومطالبهم، فمن هذه الجهة هذا الکتاب هو کتاب الدعوة إلی الحق والسعادة، وبیان کیفیة الوصول إلی هذا المقام، ومحتویاته إجمالاً هی ما له دخل فی هذا السیر والسلوک الإلهی، أو یعین السالک والمسافر إلی الله.
ولیعلم أن المعارف من معرفة الذات قد ذکرت فی هذا الکتاب الجامع(3)الإلهی علی نحو تدرکه کل طبقة علی قدر استعدادها، کما أن علماء الظاهر والمحدثین والفقهاء رضوان الله علیهم یبیّنون ویفسّرون آیات التوحید الشریفة، وخصوصاً توحید الأفعال علی نحو یخالف ویباین ما یفسّرها أهل المعرفة وعلماء الباطن.
ففی نفس الوقت الذی تکون الآیات الشریفة مثل آیات أول الحدید والسورة المبارکة التوحید قد نزلت للمتعمقین فی آخر الزمان حسب الحدیث الشریف فی الکافی فإن لأهل الظاهر منها نصیباً کافیاً، وهذا من معجزات هذا الکتاب الشریف ومن جامعیته.
ومن مطالب هذه الصحیفة الإلهیة کیفیة الاحتجاجات والبراهین التی ذکرها الله وهی إما أقامْتها الذات المقدسة الحق تعالی بنفسه لإثبات المطالب الحقة والمعارف الإلهیة مثل الاحتجاج لإثبات الحق والتوحید والتنزیه والعلم والقدرة وسائر الأوصاف الکمالیة.