چکیده:
القصة الشعرية فن يرتبط وثيقا بالشعر والقصة، و أحد مظاهر التجديد في الشعر العربي الحديث، و معرض فني لتصوير مقدرة الشعراء علي الجمع بين القصة والشعر. و قد اختص بها حجم كبير من دواوين الشعراء في العصر الحديث، منهم: الشاعر إيليا أبو ماضي. فهو بوصفه شاعرا ذا نزعة إنسانية رفيعة ينسج في ديوانه الشعري شأن معاصريه المهجريين قصصا شعرية يستلهم أكثر موضوعاتها من المجتمع الإنساني، لكن دائرة موضوعات هذه القصص تتسع لديه، و تشتمل علي مواضيع مختلفة، كالموضوعات التاريخية، والأسطورة الرمزية، والوعظية، والتعليمية، والاجتماعية، والعاطفية الوجدانية، والوطنية، والقومية.
إن الشاعر يصل نهاية المطاف في القصص الشعرية التأريخية والأسطورية يصل إلي الإنسان و حياته الشريفة، لأنه شاعر اجتماعي، ونراه يبلغ ما وراء حدود الإنسانية، و يغني دائما أنشودة الحياة الرفيعة للبشر عندما يدخل في صلب الموضوعات الوعظية والتعليمية.
و إذا ما تصفحنا أوراق هذا الديوان، نلمس صداقة روح الشاعر بصورة واضحة، حيث نراه يسعي أن ينقل إلي المخاطب مجموعة من الأفكار الاجتماعية، سواء ما جربها أم لم يجربها، لكنها بالنسبة إلي ضرورتها سيطرت علي موضوعات قصصه، واتسمت بالموضوعات الاجتماعية. والموضوعات العاطفية والوجدانية هي الأخري التي نجد الشاعر يستطرد إليها في ديوانه في قالب القصة الشعرية، فيبحث فيها عن أداة تقربه إلي حب كل الجمادات. و كذلك إنه لم يغفل عن الموضوعات الوطنية والقومية حينما يحكي لنا قصصا منها متأثرا بحياة تشرده، و هجرانه مسقط رأسه لبنان. و لا يخفي أن معظم هذه الموضوعات يختم بمواعظ واعتبارات عامة تهدف إلي تهذيب الإنسان والمجتمع الإنساني، و تعليم الإنسان درس الثبات والتعاون والالتئام والمؤازرة، كما تحثه علي مواصلة الحياة الشريفة.
خلاصه ماشینی:
وفی الشعر العباسی، فأبونواس هو الذی تدور قصصه الشعریة حول مجالس الخمر والغناء، والبحتری هو الآخر یصف فی شعره قصة ذئب، یتابع وصفه ضمنها، وهو سار فی أحد أسفاره حیث یقول: عوی ثم أقعی فارتجزت فهجته فأقبل مثل البرق یتبعه الرعد (البحتری،1973م، ص 744) و یری أحمد أمین أن عمر بن أبی ربیعه هو مبتکر القصص الشعریة؛ إذ یدور معظم قصائده حول الحوادث، وما کان یجری بین النساء وبینه (الصمیلی، 1980م، ص 112)، بینما یری الدکتور شوقی ضیف أن اللغة العربیة لم تعرف الشعر القصصی بمعناه الغربی إلا فی العصر الحدیث وبعد نقل سلیمان البستانی الإلیاذة إلی العربیة (ضیف، د ت، ص 144).
ویحفل أیضا دیوان الشاعر المهجری إیلیا أبی ماضی بقصص شعریة تشتمل علی موضوعات مختلفة، نحاول فی هذه المقالة تسلیط الضوء علیها معتمدا علی المنهج التوصیفی ــ التحلیلی، حتی نقدم صورة واضحة من أنواع القصص الشعریة فی دیوانه.
القصص الشعریة فی دیوان إیلیا أبی ماضی تعددت مصادر القصص الشعریة فی دیوان أبی ماضی؛ حیث استفاد من التاریخ والأسطورة، فقدم إلینا القصة التاریخیة؛ ونهل من معین العاطفة والوجدان، فصاغ لنا القصة الشعریة الوجدانیة؛ ولم یغفل عن المجتمع والعالم، فقدمت لنا القصص الاجتماعیة؛ کما تحدث عن التعلیم والوعظ فی القصة الوعظیة، وأخیرا التفت إلی الأحداث الوطنیة والقومیة، فأبدع قصصا حماسیة موفقة، ولکن من وراء هذه القصص عنصر أساسی لابد من الانتباه إلیه، وهو الإنسان الذی یقصد الشاعر من خلال خدمته إلیه أن یؤازره للحیاة الکریمة أولا، وللتعایش مع المجتمع الإنسانی ثانیا.