چکیده:
لو تصفحنا قصائد الشاعر الإيراني سهراب سبهري والشاعر اللبناني عبّاس بيضون، لوجدنا أنَّ الخيال الذي يعتمده الشاعران خيال واسع مرتبط بعوامل نفسية، وهذا الخيال المصوّر في ذهنهما يأتي في كثير من الأحيان بصورة سريالية في غصون الخيال الأدبي والرّمزي والعلمي. والذي يهمّنا من هذه الدراسة التطبيقية هو المحاولة لتلمّس الجانب الخيالي لدى الشاعرين؛ أي تلك الملكة الخالقة التي تستمدّ قوّتها من الحالات النفسيّة عند الشاعرين، لذلك يستهدف هذا البحث من خلال المنهج الوصفي ـ التحليلي في مدرسة أمريكية، إطلالة عامّة على طوباويّة الخيال عند الشاعرين، سهراب سبهري وعبّاس بيضون. فدراسة مثل هذا النوع تلزم الرّبط بين كلٍّ من التخيّل الطوباويّ والتأمّل في عالم ماوراء الطبيعة كعنصرين متداخلين ضمن اتجاه سهراب وعبّاس الشعري. والسّؤال الذي يُطرح هنا ونحاول الإجابة عنه، يلخّص فيما يلي: ما هو أهمّ الملامح المشتركة التي توجد في طوباويّة الخيال عند سهراب وعبّاس التي تحثّنا على المقارنة بين هذين الشاعرين؟من النتائج المتوخاة من هذه الدراسة نرى أنَّ طوباويّة الخيال في شعر سهراب سبهري وعبّاس بيضون تنشأ عن ثأثّرهما العميق بالعوامل الروحانية المشتركة التي تبعث في ضميرهما ثورة عظيمة تجاه الظواهر الطبيعية التي انعكست عندهما في البُعد الرؤيوي المكتنز بشحنة صوفية؛ فإنَّ ما يميّز خيال الشاعرين ـ كونه قائماً على الطوباويّة الروحية والنفسية ـ توسّلُهما المُوَحَّد في المعنى واللفظ ـ دون أن يتأثر بعضهما ببعض ـ إلى دلالات مشتركة قائمة على توظيف الرموز الصوفية ورؤيتهما الطوباوية إلى اللون والمكان والزمان والحقائق العلمية.
خلاصه ماشینی:
"والسؤال الذی یطرح هنا ونحاول الإجابة عنه، یلخص فیما یلی: ما هو أهم الملامح المشترکة التی توجد فی طوباویة الخیال عند سهراب وعباس التی تحثنا علی المقارنة بین هذین الشاعرین؟من النتائج المتوخاة من هذه الدراسة نری أن طوباویة الخیال فی شعر سهراب سبهری وعباس بیضون تنشأ عن ثأثرهما العمیق بالعوامل الروحانیة المشترکة التی تبعث فی ضمیرهما ثورة عظیمة تجاه الظواهر الطبیعیة التی انعکست عندهما فی البعد الرؤیوی المکتنز بشحنة صوفیة؛ فإن ما یمیز خیال الشاعرین ـ کونه قائما علی الطوباویة الروحیة والنفسیة ـ توسلهما الموحد فی المعنی واللفظ ـ دون أن یتأثر بعضهما ببعض ـ إلی دلالات مشترکة قائمة علی توظیف الرموز الصوفیة ورؤیتهما الطوباویة إلی اللون والمکان والزمان والحقائق العلمیة.
من هذا المنطلق، توظیف الرمز أو المیل إلی استکناه أسرار النفس فی ضوء الآلیات السیکولوجیة التی تستولی علی الخیال سمة مشترکة بین الشاعرین سهراب سبهری وعباس بیضون علی مستویات متشابهة؛ لأن بنیة أشعارهما الرمزیة یرتکز علی أرض الخیال الخصبة الذی یعمل علی إثراء الوجود الحسی، فالرمز عندهما یعتمد علی التشابه النفسی بین الأشیاء من خلال ولد عباس بیضون عام 1945م، فی قریة «شحور» قضاء «صور».
خلاصة القول: استعمل الشاعران سهراب سبهری وعباس بیضون عددا من العبارات التی تتصل بإبهامات الحیاة فی دائرة الزمان والمکان لبناء ملامح خیالهما الشعریة؛ فیلاحظ استخدام عبارات متشابهة کـ «تجلس الأرض علی عقارب ساعاتنا» و«تدور الأرض حول إبهامنا» عند عباس وعبارات کـ «ثمة نظرة متربصة تبصر حجم الوقت» و«ینساب نحو جهة إدراک الموت المبهمة» عند سهراب، توحی بمعان رمزیة وخیالیة تنسجم مع حالتهما النفسیة کـ «التحسر علی فوات الأوقات» و«الاکتئاب عن المبهمات التی لا یکون لها جواب» وهذه العبارات فی شعر هذین الشاعرین برمزیتها تکون محور النص والحرکة الدینامیکیة التی تنطبق علیها."