چکیده:
تعالج هذه المقالة معیاریّة العدالة فی البناء الحضاریّ الاجتماعیّ والإنسانی برؤیة مقارنة بین الإسلام والغرب، وتقوم على مرتکزات ثلاثة؛ هی:
- تحدید معنى القیم؛ کالعدالة، وکیف ومتى یمکن اعتبارها معیاریّة؟ ثمّ الانشغال بترابط مجال القیم الإسلامیة بالعدالة، وعلى أیّ أساس اعتبرناها معیاریّة فی البناء الحضاریّ، بعد تأکید معیاریّتها فی البناء المجتمعیّ. وهذا على المستوى الإسلامیّ، لا بدَّ من أنْ ینطلق من محوریّة العدالة فی تهذیب الذات والنفس الإنسانیّة؛ إذ تمثّل الذات الإنسانیّة فی فردیّتها رکیزة کلّ بناء یتمثّل بالنشاط الإنسانیّ المجتمعیّ منه أو الحضاریّ.
- التفریق بین معنى "حضارة" و "الحضارة"؛ إذ باتت الدراسات المعاصرة تتحدّث عن أنّ کلّ زمن یمثّل فرادة حضاریّة خاصّة، وهو الذی نسمّیه بـ "الحضارة" مع "ال" التعریف؛ کأنّما هی فی قیمها وسیاساتها وعلومها تمثّل روح هذا العصر أو ذاک، فی الوقت الذی لا ننفی فیه وجود حضارات؛ بما هی أمم وشعوب، ولکنّها حضارات غیر سیادیّة؛ بحیث یبقى السؤال الذی یحتاج إلى إجابة: إنّ الحضارات بما هی قابلة للولادة والهرم والموت، هل یمکن لها بعد هرمها أنْ تعود لتسود من جدید فی أیّ عصر من العصور الآتیّة؟ وهنا، بالنسبة إلى الحضارة الإسلامیّة، هل ما زالت الحاجة إلیها قائمة؟ وهل یمکن للحضارة الإسلامیّة أن تستعید سیادتها یومًا؟
- هل بإمکاننا أنْ نجد ونتلمّس وجه العدالة فی الحضارات الفاعلة فی عالم الیوم؟ وفی العلاقات الدولیّة؟ أم إنّ العدالة الحضاریّة هی الفرادة الخاصّة للإسلام والمسلمین؟ وعلیه، فإنّ الحاجة للإسلام الحضاریّ ما زالت قائمة بوصفها حاجة معاصرة الیوم. وکیف هو المشهد الدولیّ المعاصر الیوم أمام تطلّعات عالم المسلمین نحو بناء حضارتهم العادلة، بل بناء "الحضارة العادلة"؟