خلاصه ماشینی:
"و لعل مما یؤکد تصاعد القلق الأمریکی من التهدیدات و الاضطرابات الجنوبیة،عودة الاستراتیجیین الأمریکیین للترکیز علی مجموعة من المفاهیم الاستراتیجیة و النظریة،نذکر منها: -مفهوم النزاعات ذات الحجم المحدود13( Low Intensity Conflict ):فحسب الکثیر من المفکرین الاستراتیجیین الأمریکیین ستعرف فترة ما بعد الحرب الباردة انتشارا کبیرا للنزاعات ذات الحجم المحدود و التی لا ترقی إلی مستوی الحروب بین الدول(الحرکات الإرهابیة،الصراعات الإثنیة،الدینیة،حرب العصابات،الجریمة ما عبر الحدودیة...
علی المدی القریب یدعو هانتغتون علی المستوی العسکری و الأمنی إلی عدم الانخداع بالهدوء و الاسترخاء الذی ساد جبهات الصراع بعد الحرب الباردة،و بالتالی التراجع عن سیاسة تخفیض القدرات العسکریة الغربیة و الحفاظ علی التفوق العسکری،و فی الوقت نفسه السعی نحو الحد من الأسلحة المتطورة و تصنیعها لدی الدول غیر الغربیة،«فطوال الحرب الباردة کان الهدف الرئیسی للحد من الأسلحة هو إرساء توازن عسکری مستقر بین الولایات المتحدة و حلفائها من جهة،و الاتحاد السوفیاتی و حلفائه من جهة أخری.
و یدرک هانتنغتون مدی صعوبة إقامة استراتیجیا جدیدة لما بعد الحرب الباردة فی ظل الاضطراب و الفوضی الدولیة المتصاعدة،و هذا ما یجعله قلقا علی مصیر الولایات المتحدة و مکانتها فی العالم،و علی مصالحها القومید:«أن تکون أمریکیا ملتزما بمبادئ الحریة،الدیمقراطیة،الفردانیة،و الملکیة الخاصة،إذا لم تکن هناک امبراطوریة شر تهدد هذه المبادئ،ماذا یعنی بالفعل أن تکون أمریکیا؟و ماذا سیکون مصیر المصالح القومیة الأمریکیة؟»58.
و بصفة عامة،فإن هذه الأطروحة تعکس تحول التحدی الاستراتیجی بالنسبة للولایات المتحدة من العالمی إلی الجهوی،و انتقال الستار الحدیدی من أوروبا الوسطی إلی الضفة الجنوبیة،و هی تحاول توجیه الإدارة الأمریکیة نحو صیاغة عالم جدید و استراتیجیا جدیدة لمرحلة ما بعد الحرب الباردة،و بشکل یتناسب مع مطامحها و مصالحها،و ذلک من خلال رسم خریطة توازنات جدیدة تسمح لها بتکریس إرادتها فی الهیمنة علی العالم (61) Colson,Le Tiers-Monde dans la pense?e strate?gique abe?ricaine,p."