خلاصه ماشینی:
"و إشکالیة التعبئة أنها لا تتیح لمؤسسات المجتمع المدنی المتعددة المشارکة الحرة و الفعالة فی أطر هذه الأنظمة،حیث تکون موجهة من قبلها و معدة لأجل تأدیة وظیفة هامشیة لا تمت بصلة لأغراض وجودها الحقیقیة،فالتعبئة نمط من الآلیات السلطویة فی التعامل مع الجماهیر البعیدة کل البعد عن الآلیات الدیمقراطیة فی العمل السیاسی،إذ یغلب علیها طابع الإکراه الایدیولوجی المستند إلی استخدام وسائل الضبط و السیطرة و التوجیه التی تمتلکها السلطة السیاسیة،و لا یقصد منها إلا السیطرة علی توجهات القطاعات الفاعلة سیاسیا من المواطنین،و احتوائهم داخل أطر و بنی هذه الأنظمة،و الهیمنة علیهم بدلا من تحویلهم إلی قوی ضغط سیاسی بتنمیة مطالب سیاسیة خارجة عن توجهات الأنظمة و تصوراتها و آلیات عملها27.
و المنبهات و المتغیرات السیاسیة و الاجتماعیة و الاقتصادیة و الثقافیة بمعزل عن تأثیر أدوات و بنی النظم کالحکومة أو الحزب أو القائد30،تقود التعبئة الجماهیریة إلی ظهور الدکتاتوریة و السلطویة علی حساب مؤسسات و تنظیمات المجتمع المدنی،حیث تصبح أدوات تابعة یجری تحریکها وفقا لحرکة و اتجاهات السیاسات التی تنتهجها الأنظمة،بقدر ما تعمد هذه الأنظمة انسجاما مع طبیعتها السلطویة علی صعید الرؤیة و الممارسة إلی تعبئة القطاعات الواسعة من الشعب لتأیید و مساندة قراراتها و سیاساتها عن طریق تنظیم المؤتمرات و الاجتماعات العامة و المظاهرات و المسیرات و الاحتفالات الشعبیة،و توظف حتی الانتخابات و الاستفتاءات العامة لتدعیم الشرعیة السیاسیة و لیس لتحقیق مشارکة سیاسیة فعلیة،مستفیدة من غیاب المعارضة و القوی المنافسة،مما ینأی بهذه الأنظمة عن المفاهیم و الآلیات الحقیقیة للمشارکة السیاسیة و الدیمقراطیة31."