خلاصه ماشینی:
"ما السر فی هذا الاهتمام الشدید بما یجری فی نقطة قصیة من المشرق العربی من طرف أطفال و غیر أطفال،ینتمون إلی فئات شعبیة ذات مستویات مختلفة تعیش فی عزلة خانقة تحت و طأة استعمار استیطانی لا یرحم؟ و ما هو تفسیر ما یشهده العرب الآن،متفرجین إلا أقلهم،علی ما یجری فی فلسطین،دون أن یولوه فی الواقع-بمقیاس الشعور و الإحسان و التجارب-عشر معشار الاهتمام الذی یولونه لمباریات کرة القدم؟ سر ذاک و تفسیر هذا،یکمن فی التاریخ.
فقد ظهر عام 1980،شعار رفعه تلامیذ یقول:«التاریخ إلی المزبلة»،و لا داعی للإفاضة فی أزمة العشریة السابقة التی ترتبط فی بعض وجوهها بالفصل بین التاریخ العربی و التاریخ الإسلامی من جهة،و الفصل بین هذا و ذاک و بین العصر من جهة أخری،للتمکن من ضربهما معا فی وقت واحد،فالحدیث المسهب عن تلک الأزمة من شأنه أن ینکأ جراحا و یثیر حساسیات.
و هذا بالضبط ما نبهنا إلیه الأستاذ الدوری عندما کشف عن وحدة التاریخ العربی و اتصال حلقاته قبل ظهور الإسلام و بعد انتشار الدعوة المحمدیة التی کان من نتائجها،توحید العرب سواء فی عصر النبی أو بعد حروب الردة.
أصحاب المعالی و السعادة،أیها الجمع الکریم، إن اختیار المنظمة العربیة للتربیة و الثقافة و العلوم لبیروت کی تکون محطة تکریم للأستاذ الدوری بهذه المناسبة لم یکن اعتباطا:قد رأت المنظمة أن بیروت بما ترمز إلیه بوصفها عاصمة لبنان،من عراقة الثقافة العربیة التی تمتد إلی فجر التاریخ الإنسانی، مؤهلة لاحتضان هذا الحفل التکریمی لرجل من العراق یقیم فی الأردن،کتب التاریخ بنظرة تجدیدیة،و قرأه بفکر مبدع خلصه من النظرة الوطنیة القطریة الضیقة و من الشعوبیة الهدامة،عندما درس کلا من التاریخ العربی و الإسلامی من الزاویة الثقافیة و الحضاریة؟؟؟من الزاویة العرقیة أو الطائفیة."