خلاصه ماشینی:
"هکذا یتبین أن الخراج فرض علی الأرض،و أن البربر فی إفریقیة و بتأثیر سیاسة حسان أسلموا،و شارکوا فی الجهاد و بالتالی فی الفیء،و هذا یعنی ترک أراضیهم بأیدیهم،و لن یکون لهم بعد ذلک من الأرض شیء إلا من الصوافی، فالمالکی نفسه یقول:"و استقامت إفریقیة کلها،و آمن أهلها،و قطع الله عز و جل مدة أهل الکفر بها،و صارت دار إسلام إلی وقتنا هذا"2.
ترد روایة عن عبد الملک بن حبیب، و أخری دون إسناد،تفیدان:أن السمح دخل الأندلس و معه"جیش من العرب"، و أراد النزول مع جندها الأول فی أموالهم(أراضیهم)،و لکن هؤلاء لم یقبلوا بأیة مشارکة،و ذهب وفد منهم إلی الخلیفة و شکوا إلیه ذلک،و أبدوا استعدادهم للانسحاب و الرجوع إلی بلادهم،فمنعهم من ذلک و عقد لهم بإقرارهم علی أموالهم علی أساس أن الأندلس ثغر،و ذلک یوجب إقطاعهم الأراضی لیستقروا علیها کما فعل عمر بن الخطاب فی الثغور فی المشرق،"و کتب إلی السمح أن یقطع الجند الذین دخلوا معه من الأخماس"،أی إقطاعات جدیدة فی الصوافی3.
مما مر یتبین أن الفاتحین استولوا علی أراض أعجبتهم خلال الفتح و استقروا علیها،و لعل أکثرها من الأراضی الخالیة(و تدخل فی الصوافی)،و أن بدایة الإجراءات فی معاملة الأراضی و تنظیم الضرائب کانت أیام عبد العزیز ابن موسی بن نصیر،و أنها تمت علی خطوات عبر حوالی عشر سنوات،و أن الأرض عامة صارت أرض خراج.
و لعل ابن حزم(ت 654 هـ4601/ م)کان أکثر وضوحا و دلالة حین یقول:"هذا ما لم نزل نسمعه سماع استفاضة،توجب العلم الضروری،إن الأندلس لم تخمس و تقسم کما فعل رسول الله علیه السلام فیما فتح،و لا استطیبت أنفس المستفتحین و أقرت لجمیع المسلمین کما فعل عمر رضی الله عنه فیما فتح،لکن نفذ الحکم فیها"لکل ید ما أخذت"،و وقعت غلبة بعد غلبة،ثم دخل البربر(و)الأفارقة فغلبوا علی کثیر من القری من دون قسمة."