خلاصه ماشینی:
"و ذلک علی نحو ما یقع فی محاسبة النفس و مراقبتها، و«المحاسبة»و«المراقبة»هما عند الصوفیة المسلمین من أهم الدعائم النفسیة و الأخلاقیة التی یقوم علیها علم النفس الصوفی الاسلامی بقدر ما هما نم أقوم الوسائل الأخلاقیة التی یصطنعها«علم الأخلاق الصوفی الاسلامی» فی ریاضة النفس الانسانیة و مجاهدتها تخلیة لها عن الصفات المذمومة،و تحلیة لها بالصفات المحمودة: فأما کیف تکون المحاسبة أو المراقبة حالا تارة،و مقاما تارة أخری،فذلک ما یظهرنا علیه«السهروردی البغدادی»فی تحلیل نفسی رائع،اذ ضرب مثلا بما ینبعث فی النفس من داعیة المحاسبة،و ما یحل بها من حالی المراقبة و المشاهدة،و ذلک حیث یقول: «و قد یکون الشیء بعینه حالا،ثم یصیر مقاما،مثل أن ینبعث من باطن العبد داعیة المحاسبة،ثم تزول الداعیة بغلبة صفات النفس،ثم تعود،ثم تزول،فلا یزال العبد حال المحاسبة بتعاهد الحال،ثم یحول الحال بظهور صفات النفس،الی ان تتدارکه المعونة نم الله الکریم،و یغلب حال المحاسبة، و تنقهر النفس و تنضبط و تتملکها المحاسبة، فتصیر المحاسبة وطنه و مستقره و مقامه، فیصیر فی مقام المحاسبة بعد ان کان له حال المحاسبة،ثم ینازله حال المراقبة،فمن کانت المحاسبة مقامه یصیر له من المراقبة حال،ثم یحول حال المراقبة لتناوب السهد و الغفلة فی باطن العبد،الی أن ینقشع ضباب السهو و الغفلة،و یتدارک الله عبده بالمعونة،فتصیر المراقبة مقاما بعد ان کانت حالا،و لا یستقر مقام المحاسبة قراره الا بنازل حال المراقبة، و لا یستقر مقام المراقبة قراره الا بنازل حال المشاهدة،فاذا منح العبد بنازل حال المشاهدة استقرت مراقبته و صارت مقامه.."