خلاصه ماشینی:
"إننا نتخطی نطاق هذا البحث إذا نحن أسهبنا فی الکلام،علی وجه التفصیل فی الأسلوب الدقیق الذی کان المحدثون-علماء الحدیث- الأولون یستعملونه للتثبت من صحة کل حدیث،و یکفی-من أجل ما نحن هنا بصدده-أن نقول إنه نشأ من ذلک علم ثابت الأصول تام الفروع،غایته الوحیدة البحث فی معانی أحادیث الرسول و شکلها و طریقة روایتها،و لقد استطاع هذا العلم فی الناحیة التاریخیة أن یوجد سلسلة متماسکة لتراجم مفصلة لجمیع الأشخاص الذین ذکروا علی أنهم رواة أو محدثون،إن تراجم هؤلاء الرجال و النساء قد خضعت لبحث دقیق من کل ناحیة،و لم یعد منهم فی الثقات إلا أولئک الذین کانت حیاتهم و طریقة روایتهم للحدیث تتفق تماما معالقواعد التی وضعها المحدثون،تلک القواعد التی تعتبر علی أشد ما یمکن أن یکون من الدقة؛فإذا اعترض أحد الیوم من أجل ذلک علی صحة حدیث بعینه،أو علی الحدیث جملة فإن علیه هو وحده أن یثبت ذلک،و لیس ثمة من مبرر مطلقا من الناحیة العلمیة أو یجرح أحد صحة مصدر تاریخی ما،ما لم یکن باستطاعته أن یبرهن علی أن هذا المصدر منقوض،فإذا لم تقم حجة معقولة أی علمیة،علی الشک فی المصدر نفسه أو فی أحد رواته المتأخرین،و إذا لم یکن ثمة من الناحیة الثانیة خبر آخر یناقضه،کان حتما علینا حینئذ أن نقبل الحدیث علی أنه صحیح)1 و نجیب علیه أیضا بأن علماء الشریعة الإسلامیة لم یخضعوا،و لا یستطیعون أن یخضعوا أحکام الشریعة الإسلامیة لأهواء الحکام،و لا أن یؤلفوا أحادیث من عند أنفسهم و ینسبوها للرسول صلی الله علیه و سلم،و لا یطعنوا فی الأحادیث من تلقاء أنفسهم و لکن عندهم علم مضبوط بموازین دقیقة هو علم الجرح و التعدیل،و هو علم اختصت به الأمة الإسلامیة،و لا مثیل له فی أمة سبقت أو لحقت،یعرف به المختصون درجة الحدیث من حیث الصحة و الحسن و الضعف و نحو ذلک،و یحکمون علیه بناء علی هذه -------------- (1)الإسلام علی مفترق الطرق ص 19-29 بتصرف قلیل."