خلاصه ماشینی:
"و تأسیسا علی ذلک وضع مل المناهج اللازمة لإثبات العلاقة العلیة بین الظواهر،و هی تنحصر فی أربعة: (1)منهج الاتفاق و مفاده أننا إذا نظرنا فی الأحوال المولدة لظاهرة،و وجدنا أن ثمة عاملا واحدا یظل باستمرار موجودا علی الرغم من تغیر بقیة السوابق فم اللازم أن نعد هذا الشیء الثابت الواحد هو علة لإحداث الظاهرة.
و تأسیسا علی ذلک فإن منهج الاستقراء یسمی«البحث عن العلة»من حیث أنه یحاول حصر علة ظاهرة ما،فی ظاهرة أخری معینة،فإذا أفلحت المحاولة عرفت العلة عن هذا الطریق معرفة محققة.
فالمفهوم الکلاسیکی لأساس الاستقرار الذی یخولنا الحق فی الانتقال من الجزئیات إلی الکلی الشامل لها هو أن المحمول الحاصل لعدد کاف لجزئیات موضوع کلی فی أحوال عدة و ظروف مختلفة هو محمول حاصل لذلک الموضوع الکلی،بدعوی أن تکرار المحمول فی الجزئیات دلیل علی أن المحمول خاصیة لازمة عن الماهیة المشترکة بین الجزئیات،و الثابتة فیها وسط تغیر الأعراض،و إلا کان التکرار بعغیر علة.
ذلک أن هذا المبدأ«هو الذی یحدد صدق النظریات العلمیة»علی حد تعبیر ریشنباخ،و أن حذف هذا المبدأ من العلم یفضی إلی سلب العلم من القدرة علی معرفة ما إذا کانت النظریة صادقة أم کاذبة.
ذلک أننا یمکننا أن نقنع بالتکذیب و نقف عند حد الشکاک الیونانیین الذین کانت فلسفتهم تدور علی دحض الدوجماطیقیة لیس إلا،بدعوی أن لکل حجة حجة مضادة،و أن من شأن هذا التضاد أن یفضی إلی امتناع الدوجماطیقة21.
و نقدها لیس ممکنا إلا إذا کان الإنسان علی وعی بأن هذه العلاقات القائمة تدخل فی علاقة تناقض مع الواقع المتطور."