خلاصه ماشینی:
"إن هذا الاستعراض السریع یوضح مدی تطور الوقف مقترنا بالحاجة، بید أنه ـ لتطویر الفاعل والمنظم ـ لا یتم ذلک إلا بإجراء دراسات علمیة للموارد والحاجات، وتخطیط تلکم علی معیار (جدوی المنفعة) الشامل، وهذا ما لا یتکفل به إلا المجمع العلمی لإدارة الأوقاف وتنمیتها؛ ذلک لأن التطور المدنی المعاصر لم یستطع إلغاء (ممارسات الوقف) بالرغم من النظام العلمانی فی ترکیا، بل اضطر لإنشاء مؤسسة الوقف فی الجمهوریة الترکیة والتی أولت اهتمامها البالغ علی الصعیدین: الواقعی والرسمی به، فلابد من استثمار هذا الثبات النفسی والدینی بما یحقق المنفعة کاملة، ومن تلک زرع الوعی عند الشباب بالوقف من خلال دراسات علمیة فی التعبئة النفسیة بممارسة الوقف وبالصورة التی تنسجم مع واقعنا المعاصر، أو استحداث مؤسسات إسلامیة لترصین فضیلة التسامح الدینی من خلال عرض الرأی والرأی الآخر بأسلوب علمی برهانی لا یستتبع الخلاف فیه مصادمات اجتماعیة، وتجلیة کل فعل حسن بأنه عبادة یتقرب الإنسان فیها إلی الله تعالی، طالما یرتبط حالیا النشاط الاجتماعی والمعرفی بالحیاة الدینیة فی عالمنا المعاصر، وعلیه فإنی أجد المجمع العلمی للوقف ضروریا، علی أن یتشکل من المتخصصین فی الدراسات الفقهیة والتخصصات القانونیة، ثم الاقتصادیة والاجتماعیة والنفسیة، ومن یستعان بهم دائما أو مؤقتا من العلماء بالتخصصات الأخری؛ بحیث یتکون للوقف مجموعة خبرة تخطیطیة توعویة، تمارس المراقبة والتجدید.
أما طبیعة الأرصدة المالیة، فإما هبات الدولة أو هبات الشرکات، وهنا لابد من الإشارة إلی أن السائد فی بلدان العالم المتقدم أن الشرکات التی تتبرع لمؤسسات المجتمع المدنی تقدم فواتیر التبرع لتنزیلها من استحقاقات ضریبة الدخل، فلا مانع من تطبیق هذا الإجراء علی الوقف، أو نشر قناعة بأن التبرع بالأموال النقدیة لصنادیق دعم الوقف کالتحبیس فی الأعیان، وهذا الموضوع لم أجده فی الفقه التاریخی، فإذا اتجهنا إلی فقه المقاصد یمکن القول بأنه طالما یراد للمال الموقوف تسبیل الثمرة، فالمقصد منه یجب أن یتم، وعلیه فإسعاف المعطل من الموقوفات من خلال صنادیق الدعم والإقراض مقصد شرعی؛ وبهذا یتأسس المطلب الفقهی."