خلاصة:
الکواکبی فی الشام وابن أبی الضیاف فی تونس والنائینی فی ایران عالجوا مسألة الحکم
علی ضوء النظریة الاسلامیة ومستجدات العصر، فماهی مصادر أفکارهم؟ وما الآلیات التی
اقترحوها للاصلاح السیاسی؟ وهل نجحوا فی صیاغة نظریة متکاملة للاصلاح؟ وماکان
موقفهم من السلطة الحاکمة؟ هذا مایحاول البحث الاجابة علیه. کان لابن أبی الضیاف
موقفه من البای (الحاکم التونسی)، وکانت مصادر فکره تراثیة وغربیة. ورکز علی
الاجتهاد لدعم نظام الحکم. والکواکبی اهتم بالاستبداد الدینی ورفض أن تتهم أحکام
الشریعة بذلک، ورکز علی مبدأ الشوری. أما النائینی فقد دافع عن الممارسة السیاسیة
الدستوریة من وجهة نظر دینیة، وأکد علی مشارکة أفراد الامة فی القرار والولایة، وحق
الامة فی المشارکة والمحاسبة. ولاینطلق النائینی من أوجه الاختلاف المذهبی حول
الامامة، بل من واقع الامة الذی یفرض حلا لمشکلة الاستبداد فی الحکم، ویری أن
الشوری تجمع بین أهل السنة والشیعة فی صورة الحکم الاسلامی.
ملخص الجهاز:
"وفی باریس، التقی ابن أبی الضیاف بالشیخ رفاعة الطهطاوی، ویبدو أنه اطلع علی بعض من محررات الأخیر، وقرأ القانون الفرنسی من خلاله رأیت هذه الحکایة فی کتاب مؤنس عربه من اللغة الفرنسیة بعض فضلاء مصر وأسماه قلائد المفاخر فی غریب عوائد الأوائل والأواخر17، وهو بهذا یقصد الشیخ الطهطاوی وقد صرح باسمه عند حدیثه عن القانون الفرنسی فقال ومن أراد الاطلاع علی عقد نفیس فی هذا المعنی فعلیه مطالعة الفصل الثالث من المقالة الثالثة من تألیف الشیخ الألمعی، الفاضل محمد رفاعة بدوی الطهطاوی، الذی ألفه فی رحلته إلی باریس وأسماه: تلخیص الإبریز فی وصف باریز، ولخص فیه القانون الفرنساوی18.
25 إذا فالترکیز عند ابن أبی الضیاف جاء فی نقطة محددة وهی: کیف یمکن للاجتهاد فهم هذه الشریعة، کتابا وسنة وفقها، حتی تصلح أحکامها لتدعیم مواقف السلطة السیاسیة إزاء ضغوط إسلامیة وأخری مسیحیة وحتی یهودیة؟ أو بعبارة أخری وجیزة: کیف یمکن للسیاسة أن تصبح شریعة؟26 لهذا نجده یشدد علی واجب العلماء واجتهادهم فی فهم هذه المسألة وهو فرض کفایة راجع إلی اختیار أهل الحل والعقد من الأمة ودلیل وجوب القانون (الملک) إجماع الصحابة27 .
ثم یعود النائینی إلی شرح حقل مساواة الأمة مع شخص الوالی أو السلطان فیری أنها: مساواة فی الحقوق، ومساواة فی الأحکام، ومساواة فی التقاص والمجازاة88 ولما کانت هذه المطالب التی رفعتها الحرکة الدستوریة، تحرر الأمة من الجائرین من خلال مساواتهم بالحکام، وهم سلاطین وفقهاء، رأت الشعبة الدینیة الاستبدادیة ـ کما یقول ـ أن من الواجب بمقتضی وظیفتها المقامیة المتکفلة بالاحتفاظ علی شجرة الاستبداد الخبیثة ـ باسم حفظ الدین قدیما وحدیثا ـ عدم الإصغاء للخطاب الشریف، وأخذت تقاوم بکل ما فی وسعها هذین الأصلین اللذین هما منبع السعادة ورأس مال الأمة والمرتب علیها حفظ ـ حقوق الشعب ومسؤولیة الولاة."