ملخص الجهاز:
"و لسنا نری فی هذا السیاق مستقبلا لنشوء عالم أفضل و علاقات مستقرة بین الأمم و الشعوب و الدول إلا بهدی المشروع الحضاری الإلهی للبشریة الذی نهض الأمام الخمینی و استنهض به، و تأسیسا علی قیمه و ضوابطه.
3. الصراع الدولی و الصراع الحضاری: قبالة هذه المحصلات المترتبة علی هیمنة المشروع الحضاری المادی، و تداعیاتها، و إفرازاتها المتوحشة، شهر الإمام المعارف الربانی علمه بالمشروع الإلهی و تمرد به علی نظام العلاقات السائد بین البشر و الدول، بهدف تغییره تبعا للقانون الإلهی المؤسس علی القسط و الحق، و انتزاع کل حریة مستلبة، و بهدف سیاسة الحیاة و إدارة الإجتماع بمعابیر العقل و العدل و التکامل..
-نعنی بمصطلح«الحضارة»هنا مجموعة الغایات و الأفکار و المعابیر و منظومات القیم و المثل العلیا التی تکون مفهوم الإنسان لنفسه، و نظرته إلی الوجود و ماوراء الوجود، و تصوره لعلاقات البشر و صیغ الحیاة و نظمها، فتنتج هذه کلها سلوکیاتهم و أفعالهم و أقوالهم و مواقفهم و تطلعاتهم، و تنظم إجتماعهم و وسائلهم فی هذا العالم بحیث لا تنفصل الغایة عن وسیلتها.
هذه المکونات هی بمعنی آخر:المشروع الحضاری الذی یشکل وعی الناس و کیانهم الفلسفی و الثقافی و الأخلاقی و المعیاری، و یلتزم المؤمنون به تحقیقه دینامیا، و اصولا بالإنسان إلی التکامل فی بناء ذاته و التسید علی مصیره و الإضطلاع بمسؤولیاته فی هذا العالم.
و علی هذا الأساس، فإن المشروع الحضاری الإسلامی هو الاسلام و مفهومه التوحیدی للوجود و الحیاة، و یعنی هذا المفهوم التوحیدی وعی العالم باعتباره لم یخلق إلا بمشیئة الهیة، و إن نظام الحیاة الأصلح لا یقوم إلا علی أساس الشرعیة الإلهیة القائمة علی الخیر و الحق و العدل و الرحمة و البلوع بالموجودات الی کمالها و تکاملها."