خلاصة:
المفارقة هی مصطلح غربی لم تعهده اللغة العربیة ولم یعن به أی من دراساتها إلا من وقت قریب عبر
الترجمة ولها أنواع مختلفة ومنها اللفظیة وهی شكل من أشكال الكام الذی یتضمن معنى غیر المعنى
الذی تعبر عنه الكلمات المستخدمة فیأخذ هذا المعنى. عادق شكل السخریة وفی إطار المدح بشكل
الذم أوالمكس. یعبر الكاتب والأدیب المصری توفیق الحكیم فی معظم مسرحیاته عن أزمات إنسانیة
ولجتماعیة وثقافیة وفكریة فی المجتمعات الإنسانیة ولاسیما مجتمعات دول العالم الغالث التى یواجهها
المتقفون والنخب فی ظل التطورات التی تطراً علیها مستخدماً أسلوب المفارقة ویؤكد فی إطارها أن
الأفكار البالیة والعادات والتقالید الجاهلیة المهیمنة على هذه المجتمعات تشكل عوائق رئیسیة أمام تطور
المجتمات فكریاً وثقافیاً بحیث من یعرب عن رأیه المستقل دون الأخذ بنظر الاعتبار ما هو السائد
على هذه المجتمعات من أفكار وعقائد باطلة یتهم بالجنون ویعاقب أشد العقاب. الحكیم فی أعماله
بشكل عام وبالتحدید فی مسرحیاته. ینتقد هذه الأفكار البالیة باسلوب ضمنی وفی إطار المفارقة اللفظیة
والكنایة ویسعى جاهداً فی توعیة المجتمع والناس محذراً التبعات التی تترقب على هذا النوع من
التخلف الإنسانی.والنتائج الحاصلة عن هذا البحث أولاً هی إثبات هذه الفرضیة أنه استخدم فی
مسرحیاته المفارقة اللفظیة وثانیا طرح من خلالها بصورة ضمنیة المحن التی تواجهها المجتمعات
الإنسانیة.
ملخص الجهاز:
(سلیمان،1999: 129 ) هذا البحث یسلط الضوء علی المفارقة اللفظیة فی مسرحیات الأدیب والروائی والمسرحی المصری الشهیر توفیق الحکیم ویهتم بتتبع وجهة نظره حول المجتمعات الإنسانیة والمشاکل والعوائق التی تحول دون تحقیق أمنیات إنسانیة تتمثل فی الرقی بالعقل والثقافة والإدراک الإنسانی وتذلیل هذه العوائق الناتجة عن عقائد وتصورات فاقدة الوعی والحکمة فی سیاق أسلوب ضمنی وکلام مقلوب یسمی بالمفارقة اللفظیة؛ والمنهج المتبع فی البحث هو الوصفی- التحلیلی.
(العبد، 2006: 56) مهما یکن من أمر، فالمفارقة اللفظیة فی الواقع أسلوب بلاغی رائع یکون فیه المعنی الظاهری عکس المعنی الخفی والأصلی وکشفه یحتاج إلی جهد ذهنی وتأمل عمیق وعادة تندرج هذه المفارقة فی إطار الأستعارة التهکمیة، والمثال علی ذلک یاتی حینما یسمی شخص بلید بـ «أفلاطون» فی حین ان بلاهته معروف للجمیع (داد، 1378: 10) و(أصلانی، 1385: 241) ومن حیث المنطق، هناک ازدواجیة فی هذا النوع من الکلام (انوشه، 1380: 15) لأن الجزء الاول منه یکتب أو یسمع والجزء الثانی ما یدرکه ویفهمه السامع والقارئ (موسوی، 1385: 24) وبناء علی هذا، فإن هذا النوع من المفارقة قریب جدا من التهکم والکنایة فی البلاغة العربیة لأن التهکم أیضا یستعمل إما للإستهزاء وإما للتکبر (الفراهیدی، 175هـ:1016) و(ابن منظور، 711هـ، ج6: 344) أو یستعمل خلافا ومغایرا للمعناه الرئیسی للهجاء والسخریة.
(الحکیم، 1960: 47) وبما أن المفارقة اللفظیة هی صیغة بلاغیة، تستخدم فیها کلمات تحمل المعنی المضاد (ماکین، 1990: 95)؛ هنا أیضا هذه الکلمات نأتی امتدادا لفکرة توفیق الحکیم بأن فی الکثیر من المجتمعات أناس یخالفون العقل والحکمة ولاینظرون إلی العقل من منظار النعمة بل العکس یعتبرون العقل واصحابه، نقمة وعاملا للمحن والمشاکل فی المجتمع.